|
اقتصاد عربي دولي .هل ستكون سخية لخدمة الإصلاح أم أنها تبحث عن مصالحها فقط وموطئ قدم جديد لأسواقها الخارجية التي تعرضت لانتكاسات متلاحقة في أغلب دول العالم وفي أسواقها التقليدية .
حيال ذلك وعلى إثر التغيرات الحاصلة في صندوق النقد الدولي نتيجة الفضيحة الجنسية لرئيسه وعلى إثر التحرك الغربي في مجموعة الثمانية وماتمخض عن اجتماعها الأخير ، حذر خبراء دوليون وبشدة كل من مصر وتونس من قروض صندوق النقد الدولي باعتباره كان ولايزال أداة في السياسات المالية التي أدت إلى إفقار الدولتين العربيتين نفسهما سابقا. الاستفادة من تجارب الآخرين ونصح الخبراء الاقتصاديون مصر وتونس، باتباع سياسات دول آسيا وأميركا اللاتينية التي تفادت الحصول على قروض تحت مسمى المساعدات من صندوق النقد والبنك الدوليين اللذين تهيمن عليهما الدول الصناعية الكبرى. وأوضح الخبير الأميركي «ريك راودن» في بحث اقتصادي نشر مؤخرا أن مصر تحتاج بلا شك للتمويل الخارجي لتمر بسلام من مرحلة تأثيرات التغييرات السياسية الأخيرة، لكن هذا التمويل يجب ألا يأتي من صندوق النقد بالضرورة. ورأى أنه بدلا من ذلك ( يمكن لمصر أن تلجأ إلى جيرانها بالمنطقة ودول ذات اقتصادات صاعدة مثل البرازيل والصين وشرق آسيا لسد احتياجاتها المالية، وتحتفظ لنفسها بالحرية في متابعة استراتيجيات تنمية جادة ) . وذهب راودن أكثر من ذلك قائلا إن صندوق النقد ليس مؤسسة تنمية ودودة، معتبرا أن إدارته تأتمر بأمر وزارة الخزانة الأميركية ووزارات مالية الدول الغنية الكبرى، التي تتعرض لضغوط من مؤسسات صناعة المصارف داخل بلدانها من أجل إقراض الآخرين بسعر فائدة عال. وأوضح في بحثه أن أولويات صندوق النقد هي فرض إصلاحات وتغييرات اقتصادية داخل البلاد المقترضة تضع مصلحة المقرضين وأصحاب المال فوق أي اعتبار. وعاد راودن الذي كان مستشارا أمميا سابقا وقام بتدريس السياسة الدولية بجامعة ولاية كاليفورنيا ليذكر بماضي صندوق النقد الذي كان يتبع سياسة وضعها الرئيس الأميركي رونالد ريغان ورئيسة الوزراء البريطانية المحافظة مارغريت تاتشر في ثمانينيات القرن الماضي، وكلاهما نادى بمد نفوذ الرأسمالية الغربية على العالم. مدرسة خبيثة وأشار الخبير الأميركي إلى أن تلك السياسة تسعى إلى لعبة الأرقام لمد نفوذها من خلال دفع الاقتصاديات النامية للعمل نحو تخفيض التضخم، وتقليل العجز بالميزانية ليصبح ذلك هدفا أساسيا لها عوضا عن سياسة تعتمد على خلق تنمية صناعية وتجارية حقيقية. ويضيف راودن أنه قد تم تلقين تلك الدروس لموظفي حكومة الرئيس المصري السابق حسني مبارك عن طريق المساعدات الفنية والمنشورات والتحليلات الآتية من الصندوق والبنك الدولي، وبالتالي استشرى هذا الفكر بين موظفي المالية المصرية وعدد من الوزارات الأخرى. والأخطر من ذلك وحسب راودن نفسه هو أن بعض الاتفاقات الدولية والتي تأتي مع القروض تقيد يد الدولة في فرض سياسات تراها مناسبة حيث إن الكثير من الاتفاقات الدولية التي تؤيدها الدول الصناعية الغنيـــة تمنــع مثلا أن تقوم مصر وتونس بوضع قيود على حركة رأس المال وتقلل من قدرة الدولتين على وضع الحماية التجارية الكافية لصناعاتها المحلية، وتحظر عليهما وضع تشريعات خاصة تنظم القطاع المالي الداخلي. واستنتج راودن بأن مصر إذا ما أخذت قروضا من صندوق النقد فإنها «ستدخل في مرحلة جديدة» من الخصخصة التي تدمر الوظائف وعمليات تحرير اقتصادي تتم قبل حينها» أي قبل خلق قاعدة صناعية وتجارية محلية أولا تسمح بالمنافسة الدولية. قروض لتونس من جانبها تعتزم الحكومة التونسية الانتقالية وضع خطة تنمية اقتصادية واجتماعية تتطلب استثمارات بقيمة 125 مليار دولار على مدى خمس سنوات، تتضمن الحصول على قروض دولية تصل إلى 25 مليار دولار. تنبه وتحذير وإذا كانت المعارضة للمساعدات المشروطة من الصندوق الدولي وسواه لم تظهر في تونس بعد ، فإن أصواتا عديدة ظهرت في مصر وحذرت من شروط يحاول صندوق النقد الدولي فرضها لتقديم قروض لها لمواجهة عجز بمليارات الدولارات في ميزان مدفوعاتها. واعترف دبلوماسي أوروبي بأن شروط الصندوق لإقراض مصر صعبة، نظرا لما يطلبه من إجراءات إصلاحية، وقال دبلوماسيون إن صندوق النقد الدولي يطلب عادة أن تتعهد مصر بإجراءات لخفض عجز الميزانية الذي من المتوقع أن يرتفع إلى نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2011-2012. وأشار دبلوماسيون إلى أنه بدلا من فرض إجراءات تقشفية، فإنه من المرجح أن يطلب الصندوق من مصر العمل على تحسين جمع الضرائب، وفرض ضرائب على مكاسب رأس المال يمكن أن تخفض من تدفقات ما يسمى «الأموال الساخنة» من البلاد وإليها. |
|