|
شؤون سياسية أي بمعنى آخر بعدها عن تحقيق معايير العدالة والمساواة والسيطرة الواضحة للولايات المتحدة الأميركية على مفاصل القرار على صعيد قرارات الأمم المتحدة، بل نرى على العكس عبر تجيير القرارات وبما يخدم مصالح أميركا على الصعيد العالمي، وهذا يؤكد ابتعاد هذه المنظمة الدولية عن حفظ السلم والأمن الدوليين. في أحيان كثيرة تقوم الولايات المتحدة بفرض العقوبات والإجراءات بعيداً عن المؤسسات الدولية ، وهذا ما يفسر تصرفها كأنها قيصر العالم، وكل من يخرج عن سياساتها ويقف مواقف تتعارض مع مصالحها سيكون المصير المزيد من العقوبات والتدخل السافر في الشؤون الداخلية، والأمثلة في هذا الإطار كثيرة ومتعددة. ربما يقول قائل ماالجديد في ذلك، المثمر على هذا الصعيد أن الواقع الدولي ومع مضي سنوات طويلة على إنشاء هذه المنظمة الدولية الأمم المتحدة وما يتفرع عنها أصبحت عاجزة عن تلبية طموحات البلدان التي تسعى إلى العدالة والمساواة وصولاً إلى الحرية والتحرر من الاحتلال، وفي مقدمة هذه القضايا على المستوى العربي هي القضية الفلسطينية والتي اتخذت قرارات كثيرة على صعيد الشعب الفلسطيني ولم ينفذ شيء منها، هذا الواقع المؤلم جعل الأمر يصبح أكثر تعقيداً وبات الوصول إلى الحقوق بالنسبة للشعب الفلسطيني شبه مستحيل في ظل الهيمنة الأميركية على قرارات الأمم المتحدة وهيئاتها ، بل نلاحظ على العكس عبر استخدام مجلس الأمن للمشيئة الأميركية وتحت ذرائع كثيرة ومتعددة تحت اسم الحرية والديمقراطية و..الخ الأمر الآخر الذي يلاحظه أي مراقب سياسي أنه عندما تتحقق مصالح الولايات المتحدة على ضوء استراتيجياتها، أي بمعنى آخر عندما تنصاع الدول التي يطلب منها تغيير سياساتها نلاحظ أن أميركا توجد المبررات لإبعاد شبح العقوبات عنها على صعيد تسميات تبتكرها، وهذا ما يؤكد السيطرة المطلقة لأميركا على مفاصل القرار في أروقة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التابعة لها، والملاحظة التي يراها الكثيرون أنه عندما لا تنصاع المؤسسات الدولية للمشيئة الأميركية تكون المقاطعة المالية لها بل والسعي إلى حلها إن استطاعت ، وهذا الواقع فرض نفسه، وهذا يتطلب آلية جديدة تأخذ بالحسبان تحقيق السلم والأمن الدوليين من جهة، ومن جهة أخرى تحقيق العدالة وتفعيل عمل المؤسسات والمنظمات الدولية لتأخذ دورها القائم على تحقيق العدالة على الصعيد العالمي. الأمر الواضح والمؤكد أنه لا يمكن أن يكون قطب دولي واحد يتحكم بالعالم، ولكن الأدوار الإقليمية أو القوى الاقليمية سيكون لها دور في الفترة القادمة دور أقوى بعيد عن القطب الواحد في ظل الابتعاد عن معايير العدالة داخل المنظمات الدولية،وفميا يخص الهيمنة الأميركية في المجال السياسي والاقتصادي من المؤكد أن المستقبل القريب لا يمكن أن يشهد بروز أي تجمع جيوسياسي قادر على الوقوف بوجهها، ولكن ظهور تكتلات إقليمية قد يدفع العالم مستقبلاً إلى إعادة النظر بالمعطيات الدولية وإعادة النظر بالمنظمات الدولية لتأخذ دورها الفاعل بل والقيادي على الصعيد العالمي. هذه الأقطاب الجيوسياسية التي ستشكل في الفترة القادمة قوى لا يستهان بها، بل قد تكون النواة لإيجاد توازنات على الصعيد الدولي، وخصوصاً إذا استطاعت أن تتخلص من التبعية للمشيئة الأميركية عبر إدراكها لمصالحها إن كان على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، فالاتحاد الأوروبي بحاجة إلى إجراءات كثيرة ومعقدة ليصبح مستقلاً في قراراته عن أميركا، ويمكن القول إن صعود عملاقين آسيويين الصين والهند بكتلتهما البشرية الهائلة، وزن اقتصادي وسياسي فالهند تشكل حالياً أكبر سوق للطبقة الوسطى ويمكننا القول إن الولايات المتحدة تحاول بكل السبل لاختراق الهند وغزوها أما التجاوزات التي قدمتها الولايات المتحدة كي تحتفظ بشراكتها مع الصين، فتكشف عن حدود سلطة الهيمنة، وبوسع أوروبا والصين والهند تشكيل ثقل مقابل للهيمنة الأميركية. وفيما يخص العالم العربي ، تبدو إمكانية أن يصبح تجمعا جيوسياسياً إقليمياً له وزن اقتصادي وسياسي قائمة فعلاً، لكن هذا مشروع على المدى البعيد، فالمعطيات الجغرافية والموارد الطبيعية ورأس المال المالي والبشري الحالي يمكن أن تشكل قاعدة انطلاق وصولاً إلى كتلة هامة يحسب حسابها في العلاقات الدولية حتى لو كان الوضع الحالي من أسوأ ما يمكن ، هذه الكتلة التي تشمل آسيا الغربية وشمال إفريقيا مع امتدادات حتى وسط القارة السمراء ، تعطي امتيازات استراتيجية لا يمكن لأوروبا أو للولايات المتحدة أو العملاقين الآسيويين محاذاتها، في الوقت الراهن لا يثير هذا الاحتمال قلقاً كبيراً بالنسبة للمهيمن لأن التمزقات العربية تلغي كل امتياز. في ظل ما يجري نحن أقرب ما نكون إلى فوضى عالمية تريدها الولايات المتحدة عبر إيجاد صيغ للحروب تعتمد على كل دولة بمكوناتها صيغاً داخلية تهدف بالنهاية إلى جعل الأدوار الإقليمية لا تأخذ دورها من جهة ، ومن جهة أخرى تبقى المنظمات الدولية تحت تأثير الإرادة والمشيئة الأميركية، وهذا بحد ذاته يخدم أهداف أميركا عبر سيطرتها على جميع القرارات التي تريدها مما يعطل دور هذه المنظمات ويجعل الإرادة الدولية تتساعد فيما بينها لتفعيل عمل هذه المنظمات الدولية في الفترة القادمة. |
|