|
هآرتس وقد تم إبلاغهم أن يكونوا على أهبة الاستعداد خلال هذا الشهر للعمل على إفشال الحملة الفلسطينية التي ترمي إلى الحصول على اعتراف من الأمم المتحدة بإقامة دولة فلسطينية. وقد كشف مراسل صحيفة هآرتس باراك رافيد عن تعليمات صادرة عن وزارة الخارجية تتعلق بأحداث «منتدى أيلول» وإلغاء كافة الإجازات الممنوحة في هذا الشهر. لم يقتصر إلغاء الإجازات على الدبلوماسيين الإسرائيليين فحسب، بل شمل أيضا الكثير من الموظفين اليهود العاملين في مواقع مختلفة حيث جاء أمر تطبيق قرار وزير الخارجية على كل من له علاقة بهذا الشأن وهو تعبير يرمز إلى الجماعات اليهودية والمتحدثين الرسميين باسمهم ومبعوثيهم. يرى ذوو العلاقة بأن تلك الحملة الدبلوماسية ستثمر في نهاية المطاف، إلا أننا نرى بأنها لن تنتج سوى ثماراً عفنة. ولن تفضي إلا إلى نتائج فارغة المضمون لسياسة غير مجدية. على الرغم مما وقفنا عليه من أن ألمانيا ستقف إلى جانبنا وأن إيطاليا ستفعل ذلك أيضا وربما تمتنع بريطانيا عن التصويت لصالح إقامة الدولة الفلسطينية. فضلاً عن الولايات المتحدة التي ستقف إلى جانبنا أيضا في إطار التزامها الأبدي تجاهنا. لكن السؤال الذي يمثل أمام بصيرتنا هو ماذا سيحصل بعد يوم واحد من التصويت في الأمم المتحدة فهل ستكون إسرائيل أقوى مما كانت عليه؟ وهل ستكون صاحبة حق أكثر؟ وهل سيكون السلام أقرب إليها؟ وهل سيبعدها عن قيام انتفاضة ثالثة؟ لكن المسؤولين ينؤون بأنفسهم عن الإجابة عن تلك التساؤلات في هذا الوقت العصيب، وأن موظفي السلك الدبلوماسي منصرفون لإعداد خطة استباقية تحبط قيام الدولة الفلسطينية. إن صوت الشعب الإسرائيلي إلى يهود الشتات الممثل بوزارة الخارجية في القدس بقيادة أفغيدور ليبرمان تحذرنا من مغبة الاعتراف بدولة فلسطينية لأنه سيفضي إلى نزع الشرعية عن إسرائيل، لكني أستحلفكم بالله أن تبينوا لي العلاقة بين الاعتراف بدولة فلسطينية ونزع الشرعية عن إسرائيل وهل كان لتصريحات رئيس الحكومة بالالتزام بحل الدولتين من أثر لتعزيز فكرة نزع الشرعية عن إسرائيل؟ لذلك أستطيع أن أقول لكم أيها السفراء الأعزاء بأن فكرة نزع الشرعية غير موجودة في ذهن العالم أجمع. بل إنها ليست في واقعها إلا نتاجاً لأفكار مريضة مشبعة بالخوف. ولأننا لم نشهد أي دولة في العالم، باستثناء طهران ودمشق، تدعو إلى إنهاء وجود إسرائيل. ونتساءل إن كان ثمة دولة في العالم تأخذ هذا الأمر على محمل الجد. كما أنه لو فرضنا بأن هذا الرأي متداول ٌ على أرض الواقع فإننا لا نجد من رابط بين نزع الشرعية عن إسرائيل وإقامة دولة فلسطينية. لكن ما نعرفه هو أننا عندما نحاول كسب ود وتأييد العالم فإننا نستخدم أسلوب المبالغة والتهويل عما يحدث. أشار الدبلوماسيون الذين تم تجنيدهم لإحباط إعلان الدولة الفلسطينية إلى أن إقدام الفلسطينيين على تلك العملية أمر يتعذر قبوله لأنه أحادي الجانب ولأنه يتجاوز المفاوضات. وبتقديرنا نرى بأن هذا الأمر يعبر عن صفاقة منقطعة النظير، حيث أننا نعمد إلى تنفيذ بناء المزيد من المستوطنات ونصادر الأراضي بشكل أحادي الجانب دون أن نأبه للمفاوضات الدبلوماسية القائمة. كما وأن عملية الرصاص المصبوب التي قامت بها قوات الدفاع الإسرائيلية لم تكن نتيجة تسوية تم التفاوض عليها. إلا أن الأمر الوحيد الذي تم من جانب واحد هو إعلان الدولة الفلسطينية. لكننا دأبنا على اعتبار ما يقدم عليه الفلسطينيون خطوة أحادية الجانب، أما ما نفعله نحن فلا يعتبر خطوة أحادية الجانب حتى لو أفضت إلى ضرر جسيم لا يتسنى العودة عنه، وقد يستمر إلى أجيال عديدة. في ضوء ما ذكر، أود أن أسأل الخبراء والدبلوماسيين عن ماهية المفاوضات التي يمكن أن نجريها في المستقبل فهل سنتفاوض على القدس التي اعتبرناها موحدة إلى الأبد أم نتفاوض على التواجد الإسرائيلي في وادي الأردن والكتل الاستيطانية؟ ومع من سنجري تلك المفاوضات؟ فهل سنجريها مع بنيامين نتنياهو؟! لا ريب بأن أوروبا تنفذ ما تمليه عليها الولايات المتحدة ومن حقنا أن نذكرها بالجرائم التي ارتكبت من قبلها بحقنا. وأن نتساءل بعد منتدى أيلول عما أفضت إليه الجهود الدفاعية والإنجازات الدبلوماسية المفبركة التي لا تلبث أن تزول آثارها. فهل سنعتبر أن وقوف 110 دولة من أصل 130 دولة ضدنا فوزاً كبيراً لنا... وعلينا أن نتصور ونتوقع ما سيحدث بعد التصويت حيث أننا سنجزم بأن العالم سيستمر بالتهجم على السياسة الإسرائيلية وأن الفلسطينيين سيجددون نضالهم ضدنا. في هذا السياق، علينا أن نتصور ما ستؤول إليه مكانة إسرائيل من تحسن في حال انضمامها للمؤيدين لمثل هذا التحرك فلا شك بأنها ستتمتع بدعم وتعاطف كبيرين من كافة دول العالم. أما الحكومة الإسرائيلية التي لم تضع بديلا حقيقياً وجاداً عن التصويت في الأمم المتحدة، وترفض القبول بتسوية تاريخية تستند إلى حدود عام 1967، وإيجاد حل لمشكلة اللاجئين فإني أقدم لها النصح بالعودة عما تزمع القيام به من معارضة لقيام تلك الدولة لأنها ستصبح أضحوكة لكافة دول العالم. إن ما نحتاج إليه اليوم ليس منتدى أيلول بل إننا نحتاج إلى منتدى للتفكير بما سنقوم به من أعمال في السنوات المقبلة. ومعرفة ما ترغب إسرائيل بتحقيقه دون الاقتصار على التفكير بما لا تريده فحسب. لكننا لن نجد الجواب الشافي من دبلوماسيينا لأن الوقت غير متوفر لديهم للإجابة عن هذا التساؤل باعتبارهم مشغولين بمهمة الإفشال الموكلة إليهم لكني أقول لهم بأن كل ما تبذلونه من جهود لن يكون مآله إلا الفشل الذريع. بقلم : جدعون ليفي |
|