تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


دولة فلسطينية بلا مضمون!

هآرتس
الأثنين 20-6-2011
ترجمة: ريما الرفاعي

المزاج العام للقيادة الفلسطينية في رام الله قبل تصويت الأمم المتحدة المتوقع في أيلول بشأن الدولة الفلسطينية يشبه ولداً صغيراً تلقى في يوم ميلاده دراجة للكبار فالولد لا يعرف هل يبتهج أم يبكي،

إنه شديد الفرح بالهدية لكنه يخاف أن يسقط على وجهه أو يجرح ركبتيه ويخدش الدراجة الجديدة.‏‏

عندما تمنح الأمم المتحدة الفلسطينيين دولتهم هدية ماذا سيفعلون بالدراجة التي لا يستطيعون ركوبها بثقة إلى أي مكان؟ لماذا يحتاجونها أصلاً؟ ماذا سيقول صائب عريقات لآلاف الشباب الفلسطينيين العاطلين عن العمل الذين فقدوا منذ زمن الثقة بـ «عملية السلام»؟ هل يطلب منهم مرة أخرى التحلي بالصبر ويعدهم بأن باراك أوباما سوف يلوي ذراع بنيامين نتنياهو قريباً؟‏‏

ووفق تقرير جديد لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أنه على الرغم من جهود رئيس الحكومة سلام فياض في بناء اقتصاد مزدهر رغم عدم إمكانية الجمع بين النمو الاقتصادي والاحتلال فهناك انخفاض حاد في عدد فرص العمل في فروع البناء 35 في المئة والصناعة 30 في المئة في النصف الثاني من 2010 قياساً بالنصف الأول من السنة نفسها وارتفعت نسبة البطالة في الفترة نفسها 3.3 بالمئة ووصلت إلى 25 بالمئة كيف سيتصرف ضباط السلطة الفلسطينية عندما يسير عشرات آلاف الشبان نحو الحواجز والمستوطنات؟‏‏

ويدرك فياض والرئيس محمود عباس أن الجيش الإسرائيلي وفور التصويت في الأمم بشأن الدولة الفلسطينية لن يبدأ بسحب قواته ولن يستدعي المستوطنين ويدركان أنهما سيكتشفان في أيلول أنهما هدرا آلاف لترات وقود طائرات كي يواجها أخيراً فيتو أميركياً في مجلس الأمن ويحصلان على اعتراف لا معنى له من عواصم العالم بدولة فارغة من المضمون.‏‏

وبعد أن تعترف أكثر من 100 دولة بالدولة الفلسطينية في حدود 1967 كيف سيستطيعون تبرير تواصل وجود مؤسسة «السلطة» التي قامت بفعل اتفاق يمنح السلطة سيطرة كاملة على مناطق (أ) فقط وسيطرة جزئية مدنية (إذا استثنينا غزوات المستوطنين المنظمة) على المناطق (ب) ومن غير موطئ قدم في مناطق (ج) التي تشكل نحو 60 بالمئة من مساحة الضفة الغربية.‏‏

هل ستكون دولة فلسطينية تعمل كمقاول ثانوي للجيش الإسرائيلي وجهاز «الشاباك»؟ هل ستواصل تلقي هبات من الدول المانحة التي بدورها؟ هل ستوافق على الاستمرار في تمويل الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء «مساعدة مسيرة السلام»؟ ولكن إذا تخلوا عن السلطة الفلسطينية فماذا سيحدث بـ 150 ألفاً من عمالها ولأبناء عائلاتهم والتجار الذين يتعلق عيشهم بهم؟ ومن هو مستعد لتعريض نفسه لخطر تحول الضفة إلى غزة؟ كانت الحياة أكثر جمالاً وبساطة عندما كان يمكن إجراء جولة محادثات سياسية أخرى في واشنطن وملء الفراغ السياسي بتقرير عن زيارة المبعوث الأميركي للمنطقة أو التقاط الصور لهم في مؤتمر دولي.‏‏

وفي حين لا يزال عباس عالقاً مع مبادرته في الأمم المتحدة ولا يزال نتنياهو متحصناً عند سياسته الفارغة يرسل السياسي الفلسطيني القديم أبو علاء (أحمد قريع) من مكتبه في أبو ديس مخططاً جديداً قديماً لتخليص الدراجة من الوحل تقوم خطة أحمد قريع على عقد مؤتمر سلام على غرار مؤتمر مدريد على أساس مبادرة السلام العربية في 2002 وصيغة أوباما المتعلقة بحدود 1967 وتبادل أراض متفق عليه.‏‏

وسوف يدعى إلى المؤتمر إلى جانب الأطراف المشاركة مباشرة في الصراع دول الرباعية ومصر والسعودية والأردن واتحاد الإمارات وقطر وتركيا و إيران أيضاً إذا استجابت للدعوة.‏‏

وخلال المؤتمر الدولي ستعمل لجنة ثانوية دائمة تنعقد كل شهرين أو حسب الحاجة كي تواكب تقدم المحادثات الثنائية بين الطرف الإسرائيلي والأطراف الفلسطينية والسورية والأردنية، وفي نفس الوقت سيتم تجديد نشاط اللجان متعددة الأطراف بشأن اللاجئين برئاسة كندا والرقابة على السلاح برئاسة الولايات المتحدة وروسيا والمياه برئاسة الولايات المتحدة والتعاون الاقتصادي برئاسة الاتحاد الأوروبي وحماية البيئة برئاسة اليابان، وستعود اللجنة العامة للاجتماع لمراسم التوقيع الرسمي على الاتفاقات في المسارات الثلاثة كلها.‏‏

ويقول قريع: إن جهات أميركية وعربية وأوروبية وموظفين إسرائيليين أيضاً أظهروا اهتماماً كبيراً بالخطة، لكن الجمع بين مبادرة السلام وعقد مؤتمر دولي يثير في نتنياهو ذكريات مؤلمة منذ كان في وزارة الخارجية في حكومة شامير عندما وقف ضد مبادرة بوش الأب بشأن عقد مؤتمر مدريد وفرض تجميد المستوطنات على إسرائيل لم يبق سوى أن نأمل ألا يفعل نتنياهو بمبادرة قريع الجديدة ما فعل في ولايته الأولى لرئاسة الحكومة باتفاق أوسلو.‏‏

 بقلم : عكيفا الدار‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية