تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الفنان جورج ماهر في غاليري مشوار... جماليات متنوعة .. وبناء فني محكم الأداء‏



ثقافة‏
الأثنين 20-6-2011‏
قصي بدر‏

تستهل غاليري مشوار نشاطها بعرض فني للمبدع جورج ماهر عبر مجموعة‏

كبيرة من أعمالها التصويرية التي عهدناها متألقة وغنية بتجددها ليعود ويؤكد على‏‏‏

خصوصية أسلوبه الذي يخضعه في كل تجربة للمزيد من التطوير مايجعلنا أمام دينامية تلون‏‏‏

مراحل إنتاجه ومساره الإبداعي.‏‏‏

يذكر أن ماهر متفرغ للعمل الفني ونتاجه كبير موزع في عدة بلدان عربية وأجنبية في‏‏‏

القصر الجمهوري والمتحف الوطني بدمشق ومتحف الشباب في برلين وهو حاصل على‏‏‏

جائزة بابلونيرودا في معرض انترغرافيك العالمي ببرلين عام 1978، وقد شغل رئاسة‏‏‏

القسم الفني بمديرية المسارح والموسيقا في نهاية السبعينيات، كذلك عمل في التصميم‏‏‏

والديكور في الثمانينات، وقد تخرج بدرجة امتياز عام 1975 عندما أوفد لدراسة الفن في‏‏‏

ألمانيا.‏‏‏

تحمل سطوحه التصويرية أداء مركباً من العمل التقني، فبالتجاور مع التأثيرات المباشرة‏‏‏

للفرشاة تظهر المساحات المضاءة والمعتمة جراء أداته التي لايتخلى عنها، تلك الأداء التي‏‏‏

يستخدمها لقشط الخامة اللونية الموضوعة مسبقاً أو التي تحملها هذه الوسيلة والتي تبدو‏‏‏

مرنة أوصلبة حسبما تقتضيه الحاجة من تأثير شفاف أو كتيم للون، وحتى الشكل‏‏‏

التقشيري مستفيداً في كل ذلك من ملمس السطح الحامل من قماش أوغيره.‏‏‏

وبالطبع لاتقف هذه الوسيلة عند السكين كأداة فنية فمن شأن أي مادة أخرى يرى فيها‏‏‏

ماهر مزايا تخدم خياله لن يتوانى عن استخدامها وستكون أداته، إن هذا الأداء عندما يكون‏‏‏

بأداة حادة أوعريضة وبحساسيته ماهر يؤلف تشكيلاً متكاملاً عبر الخطوط والمساحات‏‏‏

والتحجيم سعياً لصياغة تصرح بفرادتها وحيويتها في وسطها الواسع الذي تسوده‏‏‏

التشخيصات والموجودات الأخرى من عناصر حية أو عضوية أخرى، ومن الملاحظ في ظل‏‏‏

التأمل الطويل لأعماله أو تلك النظرات العابرة العامة حضور ذلك التماهي بين الخلفيات‏‏‏

والتأليفات المتنوعة المتصدرة للأعمال، حيث يبدو التداخل جلياً بين معظم التأثيرات‏‏‏

المحمولة مع التأكيد على شخصية الفضاء كخلفية وضوء وحجوم وكذلك كمنظور يحضر‏‏‏

ويغيب بشكل مبتكر يلتصق بمخيلة الفنان وحدسه.‏‏‏

ليس الأداء تلقائياً فحسب، فهناك التصور الاستباقي للنتيجة وهناك تلمسا للتكوين منذ‏‏‏

بداية الفعل التشكيلي هذا، حيث تجد الظلال والإضاءات والأعماق والحركات الآدمية‏‏‏

منذ البداية كضبط لتصميم العمل الفني ككل.‏‏‏

من الناحية التقنية نجد من كل هذا العرض التفصيلي لحيثيات الرؤية البصرية أن للعمل‏‏‏

مراحل عدة من الأداء الذي تسوده خبرات طويلة تجعل من هذا الحامل مكتنزاً لثراء‏‏‏

واضح في السطح إثر الجدية والدأب في استثمار المعرفة التقنية لمصلحة التعبير والفكرة‏‏‏

والموهبة والخيال.‏‏‏

تتنوع المواضيع فتشمل شخوصاً ضمن حشود أو فرادى إلى جانب العناصر الأخرى من‏‏‏

نباتات وأشجار كمحيط حيوي تتحرك فيه الموجودات وتتوزع ضمن تأليفات تحقق‏‏‏

توازنات مدركة تبدو عليها الحيوية، والأبرز في مواضعه النساء اللواتي تخرجن بجرأة من‏‏‏

نمطيات الحركات البشرية لتبدو سابحة في فضائها الافتراضي متحررة من قيود التقليدي،‏‏‏

مصرحة بهيئات تمتلك المزيد من الحالات العاطفية عبر عنف المسار وليونته وبالتالي غرابته.‏‏‏

لو عدنا إلى الناحية الشكلية ندرك مدى الانسجام الذي يتحقق إثر توضع مساحات‏‏‏

الألوان بتنوعاتها المختلفة والتي تنتقى بشكل دقيق وتلقائي، وهذا مايقود إلى قيمة أخرى‏‏‏

هي في هذا التوازن الذي يغلب على كل نتاج ماهر، فهناك توافق بين الخط والمساحة‏‏‏

اللونية بدرجاتهما المتنوعة وبين مفردات التقنية والغايات البصرية وبين الفكرة والمضمون.‏‏‏

استوقفتنا أعمال ماهر طويلاً إثر تأثيرها البصري الملحوظ والإحالات التي تنقلنا إلى تجاربه‏‏‏

السابقة لندرك تماماً أن هناك مقدرة على المحافظة على سيرورة مراحله التي تتسم بالتألق‏‏‏

والتصاعد إضافة إلى الحساسية الميثولوجية بل وحتى النفحات الهاربة إليه من فنون عصر‏‏‏

النهضة، وهو إذ يقدم نتاجه الحالي إنما يقوم بتحصين رؤاه التي تتسم بالعمق بوصفها‏‏‏

تأملية.‏‏‏

وواعية لحقائق عدة منها مايتعلق باختيار الفكرة ومنها مايتعلق بالتعبير، ويضاف لذلك‏‏‏

حسن الفرز والاختيار أثناء الفعل التشكيلي وصولاً لتمثل الرؤى والغايات.‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية