|
معاً على الطريق كان بعثياً عندما كان الحزب معارضاً وسرياً , لكنه ترك الحزب رسمياً أواخر الستينيات , وقد بدأ يشخص أمراض السلطة تتسرب إلى ثناياه فتموه على معادن الرجال , بل إنها تكافئ أشباههم . كان مسيحاً لم يقبل أن ينزل يوماً , صليب القضية الفلسطينية , ولو أنه أن ّ طويلاً من مساميره تذهب بعيداً في خلاياه وتقوض جسداً صار هشاً من كثرة الطعون . كان منافحاً لا يكل عن مقارعة أعداء القضية الفلسطينية, من خارج البيت وبالأخص من داخله , فأطلق على دورة المجلس الفلسطيني المنعقد في الجزائر العام 86 دورة المهزلة, لكنه لم يغادره قبل أن يقذف في وجوه المجتمعين وصفه لوثيقة الاستقلال بوثيقة العار . ومن بعد لا يعود مستغرباً أن يطلق على باعة فلسطين وصف هلافيت أوسلو , فهالوا عليه تراب التناسي علّ أحكامه تظل أسيرة دوائر ضيقة , لكنه ظل يردد : « أقولها جهر الرياح وليكن ما يكون سرقتم الثورة في جرابكم أين اختفت يافا وبيسان وأين الكرمل » تناسوه , لكن الله حاضر ينير بصيرته وقد رآه في غزة . رأى الله في غزة كقطعة من وطن وليس وطناً بديلاً , فقد كانت البدائل تثير ريبته على الدوام ما دفعه مع إعلان المصالحة بين حماس وفتح إلى أن يكتب في أوراقه الشخصية «هل انتهى عهد الانقسام وبدأ عهد الاقتسام » لنبتهل ألا يتحول التوجس إلى نبوءة . تجرأ على ترك ما يتهالك الآخرون لأجله : باع ملكه الشخصي ليمول مشروعه عن المفكرة الفلسطينية , قدم طلب إعفائه من منصب مدير عام الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وقد ساءته التدخلات الخارجية , رفض وسام الجمهورية من الرئيس التونسي السابق بورقيبة , في مرحلة كان يجيل البصر فيما حوله فيرى فيما يرى البصير : « أكاد أومن من شك ومن عجب هذي الملايين ليست أمة العرب أأنت أنت , أم الأرحام قاحلة وبدلت عن أبي ذر , أبا لهب إني لأنذر أصناماً مبجّلة غداً تدحرج في الأقدام كاللعب» يوسف الخطيب , سيف فلسطين كما أسموك , لكن بعد كل ما تجرأت على قوله وفعله لم يكن مستغرباً أن يتفق المتصالحون على أن يحاصروك في غمد من خشب . |
|