تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الإصلاح الإداري

على الملأ
الأثنين 20 -6-2011
علي نصر الله

في سياق عملية الإصلاح الشامل التي يجري العمل عليها بجدية افتقدناها طيلة السنوات الماضية تبرز قضية الإصلاح الإداري كتفصيل لا يحظى بالأهمية التي تحظى بها المحاور الأخرى، رغم أنها تدخل في صلب عملية الإصلاح بمحاورها المتعددة والمختلفة وتتقاطع معها مجتمعة.

وربما تكون الإدارة الصالحة من عدمها هي السبب الرئيس في نجاح أو فشل حتى العملية الاصلاحية برمتها، ذلك أن الإدارات هي التي تضع السياسات وتصوغها وتنفذها ، وهي التي تنتج - عندما تسوء- أوجه الفساد وكل الأمراض التي من شأنها تعطيل عجلات الحركة عن الدوران إلى الأمام ، بل قد تدفعها بفعل سوئها للدوران إلى الخلف.‏

وكي لا يبقى الحديث عن أهمية الإدارة حديثاً عاماً يندرج في إطار التنظير الأكاديمي الذي لا ينكر أحد صحته وأهميته يمكن الولوج إلى ما يؤكد أن ضعف الإدارة العامة في مؤسساتنا هو ما جعلنا نقع في مطبات كثيرة كان يمكن تجنبها في أقل التقديرات، وهو ما جعلنا نتخلف عن أداء الواجب في إصلاح القطاع العام الصناعي كمشروع مطروح منذ أكثر من عشر سنوات، وكذلك جعلنا نتخذ قرارات وإجراءات على غير صعيد وفي أكثر من اتجاه ثم نعود عنها بعد ظهور النتائج غير الجيدة ، غير المقبولة، والكارثية في بعض الأحيان.‏

الأسئلة التي تبرز هنا هي: لماذا اتخذت هذه القرارات، وما الآليات التي قادت إليها، وما مبرر غياب الدراسات التي سبقتها ، وهل جرت محاسبة أصحابها؟!.‏

في الوزارات هناك مستشارون وهناك مديريات للتخطيط والدراسات، وفي مؤسساتنا العامة هناك مستشارون ومديريات للتخطيط والدراسات وهناك مجالس للإدارة يفترض بهذه الجهات- مجتمعة ومنفردة - أن تهيىء للإدارة كل المقدمات التي ينبغي أن تقود لاتخاذ قرار علمي سليم وصحيح أشبع درساً وبحثاً بل استغراقاً في كل التفاصيل والاحتمالات التي قد تزيد أو تنقص من نسب الارتياب الملحوظة في الدراسات الناجزة، فهل يحصل شيء من هذا في إداراتنا العامة، وما مقداره؟!.‏

نعترف أننا لا نمتلك نماذج مباشرة على عدم قيام هذه الجهات بهذا العمل الهام، غير أن إخفاقات عديدة هنا وهناك وعلى مستويات مختلفة تقود إلى استنتاجات سلبية تفضي إلى واقع فقدان هذه الحلقة الهامة في العمل الإداري ، وتؤشر هذه الإخفاقات إلى ضعف الأداء الإداري عموماً، فضلاً عن معرفة القاصي والداني بأن مجالس الإدارة هي شكل غير منتج ، وبأن المستشارين لا يعملون وهم برستيج ليس إلا، وبأن مديريات التخطيط والدراسات هي منفى لغير المرغوب فيهم!!.‏

طبعاً هذا جزء من أسباب الفشل الإداري التي من المؤكد أن لجنة الإصلاح الإداري ستلحظها بكثير من الاهتمام والرعاية، غير أن أسباباً أخرى تتصل بالقوانين والمسؤوليات والصلاحيات تفعل فعلها أيضاً في إفشال الإدارات وإحباط المبادرات لابد من العناية بها، على أن العبرة في النهاية تبقى بجدية الفعل لجهة إعادة النظر بجميع الإدارات القائمة بالاعتماد على منظومة واضحة من المعايير التي تقيس القدرات والكفاءات سواء لناحية القيادة والمتابعة وتنفيذ خطط العمل الموضوعة، أو لناحية ممارسة أشكال الرقابة الذاتية وامتلاك الأهلية لتصحيح الأخطاء والانحرافات وتذليل الصعوبات وتخطي العقبات وابتداع البدائل عند الحاجة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية