|
شباب وهنا فليجنح الوقت فيها كما يشاء..... فلن أكتب مذكراتي، وغبار الأيام على صوري المعلقة على الحائط ستخبرني... كم كنت مغتربة!! غربة أجهدتني وسطرّت ببكائي وأهلي، سيناريوهات(خبرني ياطير).... ومع العلم، أن غربتي لم تكن بسبب مرض وعلاج، أو أنها في بلد لا يأهله السكان
والعمران... أو أنها خارج نطاق التغطية والاتصال...أبداً... لكن ما كان يوجعني، أن حقائبي لا تتسع لحارات الشام كي آخذها معي.... ولاأستطيع أن أختصر بحر اللاذقية، أو سهل الغاب وجبل القدموس أو بلودان بألبوم صور يروي حنيني ساعة أشتاق.... ولو استطعت التحايل على عيني وأغمضتهما، وركضت حالمة بأي مكان أشتاقه، ماذا سأفعل لحواسي العشر الباقية كيف أتحايل عليها؟! فأشم إن استطعت لذلك سبيلاً، ياسمين دمشق القديمة، وأسمع هديل الحمام، وأتلمس تين ضيعتنا لأعرف هل حان وقت القطاف..!! كيف أتحايل على نفسي العميقة؟.. وأشعر كما كنت أشعر، لحظة لا تلمس أصابع قدمي رمال بحر البدروسية وأخاف الغرق.. وأنفي مازال حياً يستنشق هواء اللاذقية..!! ماذا أفعل، لأصابع اشتاقت السلام؟ وصدر اشتاق العناق....لوجوه كنت أحفظها وشعرت بالإخفاق كطفل ساعة امتحان، حين أتاني ابن خالي ولم أعرفه بعد أن صار في وجهه شبه لحية وشاربان... في غربتي.... لم استطع النسيان... أو اختصار أي زمان ومكان قضيته في حضن الوطن وتحديداً(الشام)، حيث الساعة الأولى والمدرسة الأولى... والعيد والأراجيح والأصدقاء وابن الجيران... حيث الورد الجوري، وابتسامة أمي، وتلاوة أبي للقرآن.... كيف أنسى؟ وحب الوطن ورثته عن جدودي وأنا (السوري) وجيراني في الحي من اللاذقية والسويداء، من الغوطة وحوران... كيف أنسى؟! تلك كانت معضلة غربتي التي لم تتجاوز عشر سنوات فكيف إن أغمضنا جميعاً عيوننا وحلقنا في طائرة وشعرنا ونحن في وطننا بغربة تقسم حاراتنا... وتنخر ياسميننا.. وتلوث سماء بحرنا... وتغير ملامح أحبتنا ويصبح لكل منا هوية بعدة ألوان... «لاسمح الله». وأستميحكم عذراً... وأتمنى عليكم فتح عيونكم وفك حزام الأمان... فلا طائرة حطت أو غادرت...بل كانت مجرد أضغاث أحلام... ومازلنا جميعاً ها هنا في وطننا الأم سورية يداً بيد تحت سماء علم ضم شمل البلاد.. |
|