تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مســــرحية فـــوق وتحت الــــماء

مسرح
الثلاثاء 27-3-2012
من بين أجمل النصوص المسرحية الكلاسيكية المقدمة عالمياً، ما ألّفه الدنماركي هنريك إيبسن (1828 - 1906) بعنوان «سيدة البحر»، والذي يروي الحكاية المأساوية التي تعيشها شابة مولودة في مدينة صغيرة قرب البحر،

تشعر منذ صباها بجاذبية مميزة تجاه هذا الأخير. وفي يوم، تتعرف الشابة إلى رجل غريب الأطوار، يغريها ويعترف لها فيما بعد أنه متهم بجريمة قتل ويجب أن يفرّ على متن أول باخرة تغادر الميناء، خوفاً من أن تقبض عليه السلطات.‏‏

يسافر.. تتزوج هي إثر ذلك بطبيب ثري يكبرها سناً ويحبها حباً جنونياً، ولكنها تظل دائماً حزينة بسبب مغامرتها العاطفية الفاشلة، إلى أن تسمع في أحد الأيام، صفارة باخرة تدخل إلى الميناء فينتابها شعور غريب أن الباخرة قد أتت بشيء أو بخبر سيغير حياتها تماماً. والواقع هو أن الحبيب قد عاد لمدة ليلة واحدة لإقناعها بمغادرة كل ما يحيط بها والسفر معه إلى مكان بعيد. وهنا تبدأ المأساة في شكل صراع بين الرجل العائد والزوج، ومن ثم في رأس المرأة التي لا بد أن تتخذ القرار الحاسم في شأن مستقبلها.‏‏

وما حدث في باريس مؤخراً هو نجاح المغنية العشرينية المعروفة صاحبة الجوائز المتعددة كاميل، في إقناع إدارة مسرح «بوف دو نور» لإنتاج وتقديم هذه المسرحية على أساس أن تؤدي هي شخصياً الدور الرئيس فيها وأن تدخل إلى الحبكة بعض المقاطع الموسيقية تعزفها فرقة حية وتغني هي على أنغامها. وهذه هي تجربتها المسرحية الأولى.‏‏

وفكر المخرج باكيه في إظهار العلاقة بين المرأة والبحر في شكل واضح ومرئي فوق المسرح فحوّل الخشبة بأكملها إلى شبه بحيرة تمشي فيها الشخصيات، ما يحول كاميل وزملاءها لمدة ساعتين إلى كائنات مائية، هذا غير المطر الذي يسقط من السقف وبغزارة في لحظات محددة عند وجود العشيق أمام الجمهور.‏‏

والطريف أن الممثلين بأكملهم يتجهون إلى الكواليس بين مشهد وآخر وثيابهم مبللة، بل في بعض الأحيان رؤوسهم أيضاً ومن ثم يعودون عقب لحظات قصيرة وكأن الأمر لم يحدث بمعنى أنهم بأعجوبة ما اسمها التقنية المتطورة يخضعون لطريقة تسمح بتجفيف ملابسهم تماماً أمام جمهور يحدق بهم ولا يصدق ما يراه.‏‏

أما أداء كاميل الدرامي. فهي ممتازة في المقاطع الغنائية، ولكن دور المرأة الممزقة بين حبها الأصلي ووضعها الاجتماعي بعدما صارت زوجة لطبيب ثري، في حاجة إلى ممثلة قوية يتعاطف المتفرج معها من أول العرض إلى آخره. وهذا ما لا يحدث بالمرة على رغم جودة مستوى سائر أفراد الفرقة وعلى رأسهم الممثل السينمائي والمسرحي المعروف ديدييه فلامان.‏‏

ولا يمنع ذلك (كما جاء في جريدة الحياة) من أن كل التذاكر مباعة في كل سهرة وأن الجمهور يأتي لاكتشاف قدرات كاميل كممثلة.. ومن ثم من جانب آخر ينجذب هواة مسرح هنريك ابسن إلى هذا العرض الذين سيصابون على الأرجح بخيبة أكثر من الفئة الأولى.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية