تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بين الداخل والخارج

البقعة الساخنة
الخميس 23 -6-2011
مصطفى المقداد

لم يخل حديث السيد الرئيس بشار الأسد للشعب السوري من كثير من الإشارات ذات الدلالات المعبرة ، فمن جانب اقتصر توجيه الحديث إلى أصحاب المصلحة الحقيقية في استعادة حالة الاستقرار والأمان التي صبغت سورية على مدى سنوات طويلة ،

وجعلتها أنموذجاً متفرداً في العالم كله ، ومن جانب آخر كانت الرسالة الضمنية الموجهة إلى الخارج تقول إن المؤامرة والمخططات التي يتم رسمها بخلفية استعدائية داخل غرف مظلمة في أكثر من عاصمة إقليمية ودولية ، هذه الرسالة تقول إن المخطط لن يقدر له النجاح بأي شكل من الأشكال ، فقدر سورية أن تواجه المحن بالقدرة على تجاوزها نظراً لما يمتلك الشعب السوري من مقدرات كامنة تبرز في الشدائد في أبرز صورها ، فالخارج - بعض الخارج - يتربص بسورية وشعبها وكيانها نظراً لموقفها السياسي الواضح والمدافع عن الحقوق العربية ، والمتمسك بها ، ناذراً لها كل مقدراته ، من خلال كثير من الأساليب ، التي تعد المقاومة وسياسة الممانعة أحد أهم الأشكال في الفترة الأخيرة.‏

لقد جاء الحديث الثقة موجهاً مباشرة إلى وجدان الناس الذين تمت سرقة حلمهم الجميل ، وتحويل اتجاهاتهم في فترة الاحتجاجات إلى انتظار المجهول المدمر ، فأتى الحديث ليبعث الطمأنينة والثقة في نفوس المواطنين الذين اندفعوا جماعات بالملايين خلال شوارع دمشق والمحافظات كافة ليعبروا عن تأييدهم الكبير بالاجراءات الإصلاحية التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية على الرغم من استمرار بعض مظاهر الاحتجاجات المحدودة في أكثر من مكان وضمن السياق العام الناظم لحركة الاحتجاجات وربما بصورة أقل حدة مما بدا في أكثر من مكان خلال الفترة السابقة ، وبالتالي فإن الحديث في جوهره يمثل جانب الثقة الحقيقية ما بين القيادة والشعب لتجاوز المحنة التي بدأت تأخذ طريقها نحو الحل الأفضل ، من خلال اتخاذ الكثير من الاجراءات الاصلاحية بدءاً من إلغاء قانون الطوارىء ومحكمة أمن الدولة العليا ، وصولاً إلى تشكيل لجان للحوار وصياغة قوانين جديدة للأحزاب والانتخابات والاعلام ، فضلاً عن كثير من القرارات الاقتصادية الكثيرة التي ستنعكس ايجاباً على حياة المواطنين بصورة عامة .‏

العالم كله ينتظر خطاباً موجهاً للعالم الخارجي ، نظراً للحملة الإعلامية المنظمة التي يتم رسم خطوطها بكثير من الدقة الهادفة إلى تأجيج الاحتجاجات وتغيير الحقائق على الأرض ، لكن المفاجأة المتوقعة داخلياً جاءت مخالفة لمرامي الخارج فقد كان حديث القلب للقلب ، وحديث الوجدان والعقل ، والانتقال إلى الجانب العملي ، فأبناء سورية وحدهم القادرون على الفعل لتجاوز المحنة ، وهم الوحيدون المعنيون بإنهاء مشكلتهم .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية