|
ساخرة فدخلت يوماً مدينة فوجدت فيها معلماً في هيئة حسنة فسلمت عليه فرد أحسن رد، ورحب بي فجلست عنده وباحثته في القرآن فإذا هو ماهر فيه، ثم فاتحته في الفقه والنحو وعلم المنقول وأشعار العرب فإذا هو كامل الآداب فقلت: والله هذا مايقوي عزمي علي تقطيع الكتاب. قال: فكنت اختلف إليه وأزوره فجئت يوماً لزيارته فإذا الكتاب مغلق ولم أجده، فسألت عنه فقيل: مات له ميت فحزن عليه وجلس في بيته للعزاء فذهبت إلى بيته وطرقت الباب، فخرجت إلي جارية وقالت: ماتريد؟ قلت: سيدك فدخلت وخرجت وقالت: باسم الله. فدخلت إليه، فإذا به جالس فقلت: عظم الله أجرك لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، كل نفس ذائقة الموت، فعليك بالصبر ثم قلت له: هذا الذي توفي ولدك؟ قال: لا فوالدك؟ قال: لا. قلت: فأخوك؟ قال: لا. قلت: فزوجتك؟ قال لا. فقلت: وماهومنك؟ قال: حبيبتي فقلت في نفسي: هذه أول المناحس. فقلت: سبحان الله النساء كثير وستجد غيرها فقال أتظن أني رأيتها؟! قلت: وهذه منحسة ثانية فقلت: وكيف عشقت من لم تر؟! فقال: اعلم أني كنت جالساً في هذا المكان وأنا أنظر من الطاق- النافذة- إذ رأيت رجلاً عليه برد- عباءة وهو يقول: يا أم عمرو جزاك الله مغفرة ردي علي فؤادي مثلما كانا ألست أملح من يمشي على قدم يا أملح الناس كل الناس إنسانا فقلت في نفسي: لولا أن أم عمرو هذه، مافي الدنيا أحسن منها، ماقيل فيها هذا الشعر فعشقتها فلما كان منذ يومين مرّ ذلك الرجل بعينه وهو يقول: لقد ذهب الحمار بأم عمرو فلارجعت ولارجع الحمار فعلمت أنها ماتت فحزنت وأغلقت الكتاب وجلست في الدار. فقلت: ياهذا إني ألفت كتاباً في نوادركم معشر المعلمين وكنت حين صاحبتك عزمت على تقطيعه. والآن قد قويت عزمي على إبقائه وأول ما أبدأ بك، إن شاء الله تعالى... |
|