تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


خبيصة..

ساخرة
الخميس 23 -6-2011
أكرم الكسيح

تزاحمت الأفكار في مخيلتي وبدأت تطير هنا وهناك داخل قفص الدماغ وخوفاً من أن تهرب إحداها وتطير خارج السرب استللت أحد أسلحة التدمير الشامل في هذه الأيام

وأعني القلم وأخذت أجمعها وأرتبها من جديد بعد أن طار النوم من عينيّ وفقدت كل اتصال مع الأحلام الوردية التي انتظرتها أربعين عاماً ولم تأت بحكم أن التغطية سيئة، مع العلم أنني ألتحف لحافاً سميكاً والدنيا صيف.‏

وعلى سيرة الطيران وفعل طار ومشتقاته فنحن العرب وبحكم براعتنا في الكلام لا أكثر ولا أقل فقد أعجبنا علم الطيران وقدنا أول عملية طيران فاشلة لإنسان واتهمنا عباس بن فرناس بالجنون، وقد لطش الغرب منا الفكرة بعدمالطش الكثير من علومنا بعدما أهملناها وصمم هو على ركوب قطار الحضارة وبعدما نجح الغرب باختراع الطائرات واكبنا ذلك نحن بالشعر والأغاني فنظمت القصائد بهذا الاختراع الذي قاد البشرية في رحلة طيران في الزمن القادم وتغنى المطربون كثيراً به.‏

وفوق هذا وذاك أخذنا نتفنن في استخدام فعل (طار) والطيران نتيجة غنى لغتنا بالمفردات ومشتقاتها، وأخرجنا هذا الفعل عن سياقه في أحاديثنا وموروثاتنا الشعبية فتقوم مثلاً باستخدام الطيران وفعل طار في الذهاب دون عودة فتقول إذا خسرنا مبلغاً من المال أو فقدناه طار المبلغ وهذا مانجده عند الموظفين بعد الأسبوع الأول من الشهر فالأغلبية تقول: طار الراتب من الأسبوع الأول، وكذلك إذا فقدنا أي شيء من الحاجيات ولم نجده: وين طار.‏

والأولاد يستخدمونه في الضرب فيقولون: ضربته طيارة على رقبته.‏

وعلى سيرة الطيران سأل تلميذ أمه: صحيح أن الملائكة تطير، فقالت له: صحيح فقال: كل الملائكة: فأجابته كلها فبادرها بالسؤال: ولماذا الخادمة عندنا لاتطير، فاندهشت الأم من السؤال وقالت: وماعلاقة الخادمة بالملائكة فقال لها: في الصباح سمعت بابا يقول لها: ياملاكي عندها قالت له الأم: اليوم تطير!!.‏

ومادمنا نتحدث عن الطيران فالأحرى أن نذكر أن الإنسان بطبعه يتملكه الخوف من الطيران فاخترعوا في الغرب وفي أماكن عدة طائرات من دون طيار لكن ليست لخدمة البشرية بل لاستخدامها في قتل البشر من دون أن يغامروا بأنفسهم ولكي تكتمل نشوتهم في الرقص فوق الجثث.‏

مابعد الأخير:‏

روى لنا أحد الطيور الذي هرب من ظلم الإنسان والتجأ إلى الغابة التي أصبحت أكثر أمناً من البشر حتى بقوانينها روى لنا هذه الحكاية في إحدى الغابات والحكاية تقول:‏

اشتكى أحد الأرانب إلى ملك الغابة من ظلم النمر الذي كلما شاهده يوسعه ضرباً وركلاً، فقال له ملك الغابة: يقتلك من دون سبب فقال له الأرنب هو يقول لي: إن أذني طويلتان، وأنا ماذنبي فالله خلقني بأذنين طويلتين، فوعده ملك الغابة أن يكلم النمر ويفهمه الحقيقة.‏

وفعلاً بعث ملك الغابة بطلب النمر وسأله عن سبب ضربه للأرنب فقال له: أكرهه كرهاً أعمى ولا أتصوره..‏

عندها قال له ملك الغابة: إن أردت أن تضربه فابحث عن سبب وجيه لفعل ذلك. فالأرنب بفطرته أذناه طويلتان عندها طلب النمر من ملك الغابة أن يسعفه بحجة لكي يضرب الأرنب، فقال له: اطلب منه أن يأتيك بجزرة وعندما يأتيك بجزرة صفراء قل له: إنني أريدها حمراء وهكذا تجد عذراً لتضربه.‏

وفي اليوم التالي وعندما مرّ الأرنب بالقرب من النمر ناداه وقال له: اجلب لي جزرة فقال له الأرنب: تريدها صفراء أم حمراء؟ حينها سقط في يد النمر ومسكه وانهال عليه ضرباً وركلاً وهو يقول: لماذا أذناك طويلتان؟!!!...‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية