|
The Conservative Magazine وبذلك يكون الرئيس ترامب قد استخدم الفيتو للمرة الثانية منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة رافضاً قراراً أصدره الكونغرس يقضي بإنهاء الدعم العسكري الأميركي للحرب التي تقودها السعودية على اليمن، واعتبر بأن صدور مثل ذلك القرار سيكون له خلفياته التي تتيح وتقود إلى إضعاف سلطاته الدستورية. عكف ترامب منذ سنوات عدة على تأييد الحرب على اليمن، وبدا ذلك واضحاً بزيادة التورط الأميركي في الصراع منذ توليه سدة الرئاسة إذ أخذ يناهض بشدة أي توجّه يرمي به الكونغرس إلى التقليص أو التوقف عن تقديم الدعم الأميركي للسعودية في حربها على اليمن، تلك السياسة التي سار بها وفقاً لما سبقه إليه سلفه أوباما، وذلك خلافاً لما دأب عليه من إجراء تغيير فيما نهجه أوباما من سياسات، إذ لم يتراجع عن الحرب على هذا البلد بل عمد إلى الاستمرار والتوسع بها. وبذلك أصبحت عملية الدعم للسعوديين في حربهم على اليمن جزءاً مهماً من السياسة الخارجية لترامب، وإثر إعلانه الفيتو أصبح من الواضح بأنه لا يدّخر جهداً لإرضاء الرياض بل يبدي عدم اكتراث للأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم التي طالت شعباً بأكمله. وقد قضى الرئيس الأميركي عامين كاملين دأب خلالهما للتغطية على التحالف الذي ينضوي تحت القيادة السعودية وجرائمه بحق الشعب اليمني، وها هو اليوم يعمد إلى استخدام حق النقض لحماية هذا التحالف من أي مساءلة جراء ما يرتكبه من أفعال منافية للقانون الدولي. يتذرّع ترامب أن سحب الدعم عن السعودية سيفضي إلى إلحاق الأذى بالولايات المتحدة، وتلك المقولة ليست في واقعها سوى واحدة من أكاذيبه الفاضحة لتبرير ما يقدم عليه من أجل رفض القبول بأي قيود تفرض على قراراته، وذلك كي يتمكّن من توظيف كل الوسائل المتاحة لمنع أي قرارات يتخذها الكونغرس تحول دون تقديم الدعم والمساندة العسكرية لقوات التحالف الذي تقوده السعودية وقطع التمويل عن العمليات العسكرية التي تخوضها القوات الأميركية، ذلك الأمر الذي يمكّن ترامب من الاستمرار بالدعم لتلك الحرب الظالمة على اليمن والتي سيكون لها تأثيراً مهماً في الانتخابات الرئاسية القادمة، وفي حينها يجب عليه الدفاع عن تصرفاته المشينة أمام الناخبين. وفي هذا السياق، يتعين على الكونغرس بذل قصارى جهده بغية ممارسة الضغوط لمنع تدخل حكومة الولايات المتحدة في هذه الحرب غير الشرعية والمناقضة للقانون الدولي. وفي هذا المقام، قال سكوت بول من منظمة أوكسفام: إن النقض الذي استخدمه الرئيس الأميركي يمثل رسالة وقحة إلى الشعب اليمني الذي يكتوي حالياً بحرب ضارية تشنّ عليه. لكن الإدارة الأميركية لا تعطي اهتماماً لما يحصل، في الحين الذي يقف الشعب اليمني وسائر أطراف النزاع يراقبون عن كثب وينتظرون ما تسفر عنه التصرفات الأميركية التي يأمل بأن تفضي إلى إنقاذ الكثير من الأرواح المعرضة يومياً إلى الموت. لكن استخدام حق النقض من قبل ترامب جعل اليمنيين يثقون بأن تحقيق السلام ووضع حدّ لمعاناتهم أصبح من الأمور البعيدة المنال. يتعيّن على الكونغرس أن يستمر في ممارسته الضغوط على ترامب وأن لا يفسح المجال لسياساته التجارية عديمة الرحمة أن تحدد دور أميركا في العالم، وعلى الكونغرس أيضاً أن يتمسّك بحظر مبيعات الأسلحة إلى كل الجهات المتحاربة والتوقف عن المشاركة في تلك الحرب الوحشية. لقد أكد موقف ترامب من خلال إطلاقه الفيتو مدى استهانته بالشعب اليمني، ويتضح ذلك من خلال الدعم غير المحدود للسعودية في حربها على اليمن، علماً بأن تلك الحرب تعتبر من أحقر الحروب التي تساندها الولايات المتحدة على مدى الخمسين سنة الفائتة وهي ذاتها ما اختار ترامب اتباعه والدفاع عنه. لقد اختار الرئيس الأميركي السير في ركاب أسوأ أنواع أنظمة الحكم في المنطقة، وذلك لأسباب تجارية تحقق له المزيد من مبيعات الأسلحة، وقد أعلمنا ترامب عبر مواقفه كل ما نرغب معرفته عنه من حيث استهانته بالقانون وعدم اكتراثه بالحياة الإنسانية ووحشيته وازدرائه بأرواح الأبرياء. |
|