|
مجتمع هل نربي الجيل الجديد بطريقة أفضل مما فعل آباؤنا. قد لايوجد دراسة تثبت ذلك لكن الاحصائيات التي تؤكد ارتفاع نسب الدخول الى المدارس وانتشار المعاهد التي تعلم صغار السن مختلف أنواع الفنون واللغات الأجنبية، وازدحام الآباء على أبوابها لايصال صغارهم تؤكد ذلك، وكأن اهتمامهم هذا يقول أن الآباء و الأمهات في زمننا هذا يؤدون عملاً أكثر جودة مما فعله آباؤنا في الأجيال السابقة. ولكن هل جميع الآباء لايبالون فيما إذا كانت طريقتهم في تربية أولادهم جيدة أم لا. وماهو السبب؟ هل هو عدد الأولاد أم الحالة المادية أم الاثنين معا؟ الأسرة الآن تختلفٌ عما كان عليه في السبعينيات، فهي شيئا فشيئا تميل لأن تكون أصغر، وسن الانجاب ارتفع عند شريحة المتعلمات والعاملات، والأسرة الجديدة الصغيرة انفصلت عن العائلة الكبيرة، وأصبح الآباء يقضون فترة أطول مع أبنائهم والأفكار الحديثة حول التربية وحقوق الطفل أخذت تطبق بين شرائح المتعلمين، وبدوا وكأنهم يعملون على مبدأ أن التكوين المعرفي السليم للطفل هو الذي يحدد مستقبله أي كما يقول عالم التكوين المعرفي جان بياجه أن التفكير «صناعة»، وحياة الإنسان من صنع تفكيره، وسلوكياته هي نتاج هذا التفكير الذي بنته قدراته التي تكونت، بالتالي، عبر مراحل النمو الارتقائي. يقسمها بياجه إلى خمس مراحل، تبدأ من الولادة حتى السنة الثامنة عشرة. ويمكن ان نضع هنا سببا ساعد الأهالي وهو وجود تغير في المجتمع نفسه ووجود مؤسسات تدعم أفكارهم تلك وهي المعاهد التعليمية والفنية والأنشطة التطوعية والتي ازدادت نسبة مشاركة الشباب فيها مما سهل على الأهل الحديثين أكثر مراقبة نشاطات أولادهم، بمساعدة المتطوعين الشباب. الاأن السبب الأهم يبقى هو ادراك الآباء واقتناعهم بدورهم في حياة صغارهم وارادتهم لتنشئة أبنائهم تنشئة سليمة حتى لو كان الدافع تعويض ما افتقدوه في طفولتهم، يقول المهندس عبد الكريم: أصطحب ابنتيّ أسبوعيا الى ثلاثة معاهد للانكليزية والفرنسية والموسيقا، ليس لتعلم اللغات والموسيقا فقط، بل ليكتسبا مهارات اضافية في التواصل مع الآخرين من خلال معلمين واصدقاء جدد خارج البيت والمدرسة. وتقول السيدة نهى: يسعى زوجي رغم عمله الطويل وبجهد واع ٍ ليربّي أولادنا بشكل مختلف و يقضي معهم وقتاً أطول و لم يسمح أبداً لعمله أن يعترض طريق تربيته للأولاد، ومابين اللعب والتعليم خلق عندهم عادة القراءة قبل النوم، واصطحاب القاموس لاستخراج مزيد من المفردات باللغة الانكليزية، وابني سيتقدم لرواد الطلائع بالانكليزية وهو صف رابع لتفوقه وحفظه المزيد من الكلمات الجديدة والأغاني العديدة. ربما تكون نسبة الآباء الذين تحدثت عنهم قليلة، وربما هي آخذة في الاتساع، لكنها تمكننا من القول ان الأبوة الحديثة أفضل، لأن التفوق العلمي وحده والصرامة المبالغ فيها لايكفيان لتكوين انسان فاعل في مجتمعه. |
|