تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حصاد الورق

فضاءات ثقافية
الأحد 7-2-2010م
يمن سليمان عباس

الترجمة الأدبية: إنتاج أصل جديد

في مجلة العربية والترجمة العدد الثاني يكتب مصطفى الخال مقالاً تحت عنوان: الترجمة الأدبية الهوية والاختلاف يقول فيه:‏

لا فرق بين الترجمة الأدبية وغير الأدبية من حيث القواعد والمناهج إلا أن ما يسمى بـ «الترجمة الأدبية» يستدعي من المترجم أن يرقى إلى مستوى متقدم من مستويات الكتابة لغة واسلوباً وتذوقاً، وفي حقيقة الأمر فإن النص الواحد قد يجمع بين شتى الأنواع، فقد يكون علمياً مكتوباً بكيفية أدبية راقية والفرق الأساسي بين النص الأدبي والنص المتخصص هو أن هذا الأخير يطغى عليه المفهوم المصطلحي الذي يستوجب التقييس والتوحيد.‏

ومن المفروض أن المترجم الكفؤ يستطيع أن يترجم هذا النوع وذاك ويختلف أداؤه باختلاف ملكته اللغوية.‏

ويوجد في أقصى طرف الترجمة الأدبية الشعر الذي لا يترجمه باقتدار إلا من كان شاعراً وحتى في هذه الحالة يخشى ألا يعرف بالتأكيد ما في بطن الشاعر المترجم عنه.‏

إن المترجم الأدبي مجبر بمعنى من المعاني على أن يكون حراً ربما أكثر حرية من زملائه لكنه يبقى خاضعاً لبعض القواعد حتى يظل التلاقي بين النصوص أمراً مضموناً.‏

وبالمقابل فالترجمة الأدبية حسب الاستراتيجية الثانية التي ذكرها «توري» لا يمكن أن تكون إلا انتاجاً لعمل آخر أي لنص مستقل له نفس الوضع الاعتباري.‏

في هذه الحالة ليس الأساس هو استنساخ الأصل بل هو انتاج أصل جديد يحل محله، فأوكتافيو باث الذي ترجم لعدة شعراء وانطلاقاً من لغات لا يعرفها فضلاً عن ذلك يعلن أن هدفه لا يكمن في الاقتفاء الدقيق لتعرجات القصيدة الأصلية بقدر ما يكمن في خلق قصيدة مماثلة.‏

جاك دريدا: لا أنحاز لإغراء الصعوبة.‏

في مقابلة أجريت مع جاك دريدا وترجمها حسام الدين خضور ونشرتها مجلة الآداب العالمية تحت عنوان «كيف يقرأ دريدا أعماله» يسأله المحاور: لقد قيل إن نصوصك صعبة في حدود قابليتها للقراءة، وتثبط هذه السمعة همة بعض القراء المحتملين. كيف تعيش مع ذلك؟ هل هو تأثير تسعى إلى إحداثه أو على العكس تعاني منه؟‏

وقد أجاب جاك دريدا بالقول:‏

أعاني منه، نعم لا تضحك، وأنا أعمل كل شيء أظن أنه ممكن أو مقبول لأنجو من هذا الشرك غير أن أحداً ما في داخلي لابد أن يحصل على بعض الفائدة منه: علاقة ما مؤكدة ولتفسير هذا سيكون ضرورياً أن أقترب من بعض الأشياء القديمة جداً في سيرتي وأجعلها تتكلم مع الآخرين في الحاضر من مشهد اجتماعي أو تاريخي أحاول أن آخذه في الحسبان.‏

لاشك في أن علي أن أحلل هذه العلاقة وأنا أرتجل أمام آلة التسجيل هذه بهذه السرعة لكن ألا تظن أن هؤلاء الذين يتهمونني بالطريقة التي وصفتها يفهمون الشيء الجوهري الذي يزعمون أنهم لم يفهموه أي قبل كل شيء تلك قضية مساءلة، مشهد محدد من القراءة والتقييم مع مسراته واهتماماته وبرامجه المألوفة من كل نوع.‏

أوكد لك أنني لم أستسلم قط لإغراء أن أكون صعباً لمجرد أن أؤمن في أخذ الوقت أو إذا فضلت جعل الزمن لا يزيل الطيات ولأسباب فلسفية أو سياسية هذه المشكلة في التواصل والقدرة على التلقي في معطياتها التكنولوجية والاقتصادية الجديدة أكثر جدية مما مضى بالنسبة لكل شخص لا يستطيع المرء أن يعيشها إلا بضيق وانزعاج وتناقض وتسوية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية