تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هم الشهداء كتاب في السماء

ملحق ثقافي
2012/3/27
فضيل حلمي عبد الله:في ذاكرتي تتكاثر صور الشهداء قبل قدوم موعدهم

يأتون نحو وطن لا يرى أفقاً‏

تسكنه سنبلة دون شاطئ أو حدود‏

هم الشهداء‏

يأتون بأسمائهم طوابيرعلى مدى الأعشاب‏

يحدو بهم الفدا‏

يذهبون وحيدين برحلة لقاء‏

إلى حب تمادى مقاييس الشمس‏

أضاءت لهم السماء قناديل البقاء‏

أصبحوا في كتب المجد سبيلاً للنصر‏

هم الشهداء‏

ثمار المجزرة وجمرات من بقايا الحروب‏

إني كرهت أن أكون على حياد...‏

فأنا أعطي للشواهد معناها‏

أفتح لها معبراً في دمي‏

وأعبر في نهار زمني..‏

وأصرخ من وراء البحر أيها الشهداء‏

إني أرى تحت ظل الفراشات حلم التوحد‏

وأسمع أنين الجراح جسداً‏

يصلي على سجادة فولاذية‏

ما أجمل عشق الشهداء‏

حين يختبئ بعهد القدر‏

رغم نزيف الدماء‏

تبقى الشمس تشرق في شرف وكبرياء‏

واقفة بأحلامها وواثقة بآمالها‏

هم الشهداء‏

جاؤوا من الزمان إلى المكان‏

يكتفون بالتقرب من السماء‏

استبدوا بما تهب لهم الحرب حد الشهادة‏

حيث ما زالت المجزرة خلف الفراشات ترقد‏

ترقد خلف ليل حافل بالدماء‏

وأنا سأدعو جميع الشهداء‏

وأقرأ معهم وصية الشرف والعهد‏

ونشرب قهوة الصبر‏

ونأكل حلوى الفرح في يوم نصر..‏

هي الأرض تهيئ أسيافها للنفير المقدسي‏

ويخرج من أحشائها هذا الحمل الكاذب‏

هي السماء تضيء نجومها للحياة‏

ويتنهد الحب في رحمة الشهداء..‏

هم الشهداء‏

حلمهم يرتوي بنا كقطرات الماء‏

حباً.. وحرباً.. وشرفاً..‏

من أين تشرق شمسنا؟‏

كل أجزاء بلادي سجينة؟‏

لكن في بلادي تختلف الأشياء‏

يتبادل الشهداء معجزة الموت‏

ونساء تعلو صرخاتهم ملء الغياب‏

قد شق لهم جناح البحر راية وطن‏

وتنتظر السماء منهم صباحاً جديداً‏

أيها الأعداء من قال:‏

من قال: لكم العروش ولنا النعوش؟!‏

رغم بقاء الشهداء في أزقة المخيم‏

وحيدين يصارعون حصار الأعداء‏

إلا أنهم هيؤوا لي شرفاً للبقاء ولوناً للسماء‏

كي لا يسكن الموت وجه المخيم الموشح بالبكاء‏

هم الشهداء‏

يغتسلون بالندى الزاهر الساخن من شعاع الشمس‏

يجددون رائحة التراب‏

وكما في ذاكرة الوطن يرقدون‏

يخطف منهم ابتهاج العودة شقاء الحب‏

كما يرشق صميم الحلم‏

على صهوة الثائر والناري‏

وأغفو أنا وحيداً في حزن النكبة‏

لكنني أخرج من فضائي العميق‏

أحرق مصدر غفوتي‏

وأصافح يد أمي وأقبل وجهها الحنون‏

وأرى وطني على شرفات الشمس‏

رموزاً بأسطورة المستحيل‏

هم الشهداء‏

شامخين مبتهجين بالحبق وبالتراب مجبولين‏

تتبارك بهم الحياة ويزهر الياسمين‏

بين الماء والسماء حصار‏

تقف بلادي تغفو في رثاء أبنائها‏

ترتدي على جسدها المرتعش من جنون الركام‏

ثوب المقاومة‏

وتلتقط أنفاس جراحها من جديد‏

يوم أطل عليها بصفحة التاريخ..‏

يرافقه الصبار المندهش بكبرياء فلسطين‏

هي بلادي هكذا..‏

منذ أن أشرق عليها إرث الشمس‏

لا الغربان تغادر صباحها‏

ولا عناقيد الموت ترحمها‏

هم الشهداء‏

الوقت لديهم لا يمشي‏

إلا في لحظات الصمت‏

هم الشهداء‏

باقون على هذه الأرض‏

ملتحمين بالجراح وبالأفراح‏

حتى تشرق شمس الصباح‏

وتأتي حتمية النصر من حكمة الصراع..‏

هنا في بلادي انتصر الدم على السيف‏

هنا على هذه الأرض نطق الحجر‏

وسقطت قطرات دمي وأزهر الشجر‏

والتحم الجراح بالكفاح...‏

لكنني ما زلت خائفاً‏

من غدر الذئاب الراكن في ضحكات الأشباح...‏

هنا أنا على هذه الأرض تاريخ ومقاومة‏

أفتش عن حبيبتي تعيد لي حق اللجوء‏

بلحظة شاهدة.. بمهرة صاهلة..‏

بصرخة ثائرة.. بمجزرة نازفة..‏

هم الشهداء‏

طوبى لهم حين يصبحون‏

ويمسون على قمر من الغياب..‏

أيها الغاصبون لا تقفوا في طريقي هكذا دانسين‏

أيها الغاشمون إني منحتكم زمن المتاعب‏

أيها المحتلون في أعناقكم ذلة الأجراس‏

أيها المؤامرة الخبيثة‏

افرشي خناجرك فوق هذا الحصار‏

أيتها المجزرة النكراء‏

اقتلي من بقية في هذا العراء‏

وازرعي في صفحات التاريخ استصراخ معتصماه..‏

طوبى من قاتل واستشهد‏

طوبى لمن حمل رايات الوطن‏

ودفع دمه للحياة‏

أيتها الأرض‏

أيتها السماء‏

أيتها الحرب؟!‏

اتركوني ودعوني أمارس عليكم طقوس الجهاد‏

كما أشاء‏

كي تلد لنا مساكب الفجر حياة وبقاء..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية