تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سورية المتجددة .. حركة مستمرة وحيوية دائمة

شؤون سياسية
الأربعاء 28-3-2012
نبيل نوفل

منذ عشرات السنين وسورية العروبة تواجه مؤامرات ومخططات الأعداء , فما أن غادر الغزاة المستعمرين ارض سورية تحت ضربات أبنائها الأبطال الذين صنعوا الاستقلال والذين لقنوا المستعمرين درساً لن ينسوه

بدأت المخططات السرية والعلنية لإعادة إخضاع سورية وعودتها للحضن الاستعماري وتبادل المستعمرون الأدوار والمواقع في المؤامرة وخاصة بعد تسلم قيادة البلاد من قبل أبنائها , وقيام ثورة كانت استجابة لإرادة الشعب العربي السوري,بما حملته من أهداف وتطلعات ومبادئ , لكن الشعب العربي السوري وخاصة بعد عام 1970م استطاع أن يتغلب على كل ذلك,وان تنجو سورية من المزالق وتجتاز الحفر وتتخلص من العناصر المعوقة, وتسقط كل المؤامرات بفضل وعي شعبها وحسه القومي والوطني , يحدوها إيمان وتصميم على تحقيق أهدافها.‏

حيث أصبحت بلد الإباء والكرامة ودولة قوية قادرة يحسب لها حساب في المنطقة والعالم .بسبب عقيدتها ونهجها الوطني والقومي التي اعتبر أن الثورة هي التفجر الخلاق لكل طاقات الشعب, وإدراك دقيق لمصالح الجماهير الأساسية,واستشفاف لكل ما يمكن أن يفيد هذه المصالح, والقضاء على كل عوائق التطور والنمو, بقدر ما هي تفجير خلاق لطاقات الجماهير, واستشفاف لمناحي الخير التي يجب أن تتجه وفقها هذه الطاقات لتكون في خدمة الجماهير. ومن هنا نجحت سورية في التجدد الدائم والتمسك بقيم شعبها وأمتها وحقوقها. وبالرغم من أن الحاضر يبدو مليئاً بالتعقيدات والصعوبات,وقد يبدو الطريق إلى المستقبل المنشود وعراً مليئاً بالحفر والعقبات إلا أننا واثقون من تجاوز ذلك من خلال تعزيز المواطنة الحقيقية التي أثبتت أنها القوة الرافعة لبناء مجتمعات قوية مزدهرة مستقرة . ونحن اليوم مع بداية مرحلة جديدة من بناء سورية المتجددة , القوية المزدهرة الصامدة بحاجة إلى ترسيخ المواطنة فكرا وممارسة . والتي أكد عليها الدستور الجديد الذي تم الاستفتاء عليه من قبل الشعب العربي السوري في 26/2/2012 م في مادته الثالثة والثلاثين «المواطنة مبدأ أساسي ينطوي على حقوق وواجبات يتمتع بها كل مواطن ويمارسها وفق القانون» .وفي سبيل تحقيق ذلك لابد أن تصبح المواطنة احد ركائز الثقافة الوطنية في سورية , ومن هنا يكون واجباً علينا كمواطنين المساهمة في بناء سورية المتجددة من خلال العمل على سيادة القانون في كل مؤسسات المجتمع ,و ترسيخ مفهوم المواطن باعتباره قيمة ثمينة في المجتمع وكل السلطات تخدم وتحمي حقوقه كافة وتوفر الحصانة القانونية التي تحميه من القهر والابتزاز ,و الإيمان بأن قدرة الوطن على العطاء تتحدد أولاً وأخراً بمدى ما يحصل عليه الوطن من عطاء أبنائه ,و التزاماً أخلاقياً من قبل المواطن تجاه المكان الذي يسكنه بدءاً بالحب وانتهاءً بتجسيد متطلباته فكراً وبالولاء والشعور بالانتماء وعملاً بالعطاء المتبادل البنّاء بين الوطن ومسؤولية من يسكن فيه وهذه مسؤولية كل فئات المجتمع ومؤسساته المختلفة .‏

إننا اليوم نعيش مرحلة دقيقة وتتطلب الكثير من الغيرية ونكران الذات والمساهمة بكل جدية في عملية الإصلاح الوطني على جميع المستويات واختيار الأشخاص القادرين على تحمل المسؤولية الوطنية في المفاصل الأساسية في الوطن وخاصة في السلطات التشريعية والتنفيذية وصولاً لتحقيق وطن قوي معافى من كل الأمراض الخبيثة التي حاول الأعداء زرعها في جسده من خلال تصدير الفيروسات إليه وخلق البيئات الحاضنة لها لتنمو لقتل الوطن .‏

لقد اثبت شعبنا أنه يملك المناعة القوية ضد هذه الفيروسات من خلال تحصينه بوحدته الوطنية الدواء الرادع لكل الأمراض والذي أكسب شعبنا المناعة ضد كل الأوبئة التي حاولوا تصديرها إليه .‏

إن الانتماء الوطني ليس ادعاء يدعيه المواطن أو مقولة تقال أو خطبة تذاع, وإنما هو التزام ومسؤولية, حيث يترجم هذا الالتزام بتحمل المسؤولية الوطنية، ومن هنا يكون للحوار الدور الأساس في ترسيخ قيم المواطنة بين أفراد المجتمع ويعد هو الطريق الأمثل لبناء المواطنة الحقيقية التي تقوي وتعلي من بنيان الوطن فهو صمام الأمان الذي يحافظ على الوحدة الوطنية والسلاح الأمضى في المجتمع .‏

على أي حال: وبالرغم من حجم المؤامرات التي تتعرض لها سورية وثورتها داخلياً وخارجياً والتي تهدف إلى إخضاعها وتقسيمها وإعادتها إلى الحظيرة الاستعمارية ستظل سورية, تقرأ الواقع , قراءة من يتطلع بعيداً في مستقبل الحياة والتاريخ, ومن يصبو مكافحاً إلى تطويع هذا المستقبل في خدمة الأمة ووفقاً لمبادئها وقضاياها الإنسانية عموماً. وسيبقى شعبنا ومناضلوه يتمتعون بالتفاؤل ولن يتسرب اليأس إلى نفوسنا إطلاقاً مهما تكن المصاعب التي نواجهها, ومهما تكن الانتكاسات التي واجهتنا أو تواجهنا, لأنه لا طريق أمامنا إلاّ أن نصمد أولا, لكي نتصدى ثانياً, ولكي نسترد حقنا كاملاً في نهاية الأمر ونحقق مشروعنا الوطني والقومي .فإذا كانت الأخطار التي نواجهها كبيرة, لكننا أكفاء لمقاومتها, لا نستهين بها, ولكننا لا نرهبها,نحدد مصدرها ونعمل بكل ما أوتينا من عزم على التصدي لها, وإلحاق الهزيمة بها من خلال الحفاظ على سلاحنا الأمضى وهو التلاحم بين الشعب والجيش والقائد .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية