|
مجتمع الحب والحنان .. ويؤكد الأخصائيون أن الجو العاطفي للأسرة يعد من أهم العوامل التي تؤثر تأثيرا كبيرا في تكوين شخصية الأبناء وأساليب تكيفهم ذلك أن الحب الدافئ الذي يمكن أن ينعم به الطفل من شأنه أن يؤثر تأثيرا بالغا على سلوكه ونفسيته حاضرا ومستقبلا من حيث مقدار ثقته بنفسه وطمأنينته واستقراره النفسي بالإضافة الى قدرته على مواجهة ظروف الحياة السهلة منها و القاسية ، والمقابل فإنه إذا حل محل مشاعر الحب والعطف والحنان عند الطفل مشاعر معاكسة من نوع الكره والنفور والتجنب فإن ذلك من شأنه ان يؤدي الى جعل حياته مشحونة بأشكال من الشقاء والتعب والحزن التي تؤدي به الى تكوين نظرة قاتمة نحو المجتمع وما يضمه وأيضا نحو الأسرة وما تمثله وكثيرا ما يكون الحقد الموجود لدى بعض الراشدين مرتبطا ارتباطا وثيقا بضعف الجو العاطفي في الأسرة التي ترعرعوا ونشؤوا فيها ،ويشير بعض الباحثين الى الترابط القوي بين النزوع الى العدوان الاجتماعي عند الراشد او ما يسمى بالسلوك "اللااجتماعي" وبين نقص عاطفة المحبة والحنان في البيت الذي عاش فيه وهو صغير. أخلاقيات الأسرة .. كما يترك الجو الأخلاقي للأسرة أثارا مختلفة لدى الأبناء حيث أن بعضهم يكون مسايرا للجو ومتناسقا معه وبعضهم يكون متنكرا للجو ومختلفا معه ذلك أن أكثر الحالات التي يوجد فيها الاختلاف هي التي يكون فيها جو الأسرة مشحونا بشيء من التطرف الاجتماعي والسلوكي والتربوي فقد تكون السلوكيات التي يؤمن بها الوالدان او احدهما مبالغ بها جدا الأمر الذي ينعكس على الأبناء الذين يكبرون على تلك السلوكيات المبالغ بها جدا مايتسبب لهم بمشكلات جمة مع أصدقائهم وزملائهم في المدرسة ومكان العمل حيث يبدأ الشعور بالذنب يلاحقه وهو مايوصله في كثير من الأحيان الى التخلي عن تلك السلوكيات. الحرمان والنقص .. وبحسب الكثير من الأخصائيين يترك المستوى الاقتصادي أثارا صعبة لدى أولاد الأسرة الفقيرة ذلك أن الشعور بالحرمان والنقص تجاه الآخرين يلعب دورا كبيرا في جعل الأبناء أميل الى القلق والى عدم الراحة والاطمئنان والشعور بالضعف نتيجة تلك المقارنات التي يقوم بها الطفل المحروم حين يرى ما عند الآخرين وما عنده ، كما أن وجود عدد كبير من الأبناء في غرفة واحدة كثيرا ما يؤدي الى إيجاد التوتر العصبي المتكرر عندهم وفي تكوين عادات سلوكية غير مناسبة تزداد نسبتها عند الأسر الفقيرة التي تعاني من صعوبات اقتصادية ، وفي الطرف الأخر نجد ان الأبناء في الأسرة المنعمة والمستقرة اقتصاديا لايعانون في الغالب من تلك الأمراض الاجتماعية والنفسية مع الإشارة الى أن التطرف في الإنفاق قد يؤدي أحيانا الى نتائج سلبية أكثر من تلك التي تسببها الأوضاع الاقتصادية السيئة . كما أن الجو السكني يؤثر في حسن تكيف الأبناء وفي حالتهم الصحية والجسدية ذلك ان الطفل يبدي إحساسا كبيرا إزاء البيت الذي يسكنه ويقيم فيه من حيث موقعه وخصوصا عند زيارته لرفاقه او زيارتهم له حيث تكون هذه الحساسية شديدة عند المراهقين والأطفال في عمر المدرسة ، كما يواجه الطفل أحيانا المسكن الفخم بظروف تكيف صعبة نتيجة التميز الفائق والانتظام المفرط حيث كل شيء يجب ان يكون منتظما وكل شيء ثمينا ويجب ان لايمس بأذى ، ويكون من نتيجة ذلك ان يصبح الطفل كبيرا في وقت مبكر من حياته وان يشعر بالحواجز التي تعوق الكثير من فعالياته. البيئة الثقافية .. ويؤثر الجو الثقافي للأسرة أيضا تأثيرا كبيرا في تشكيل شخصية الأبناء ويدخل في ذلك ما يتوافر في البيت من كتب وصحف ودوريات ومن وسائل لعب وإيضاح مختلفة كما يدخل مقدار العناية التي توليها الأسرة لهذا الجانب من النمو عند الأبناء حيث تعمد بعض الأسر الى توفير بيئة ثقافية مناسبة من خلال اختيار الكتب والقصص المناسبة والموجهة لأبنائهم وترك الجو الثقافي في البيت غنيا وثريا على الدوام ، ويقتصر تدخل الوالدين على التوجيه والإرشاد والمناقشات العقلانية مع الأبناء وهو ما تهمله الكثير من الأسر ، كما ان هناك بعض الأسر تفرط في موقفها حيال سوء الاهتمام بثقافة الأبناء ويظهر ذلك في سلوكها من خلال السخرية من الكتب والقصص والمعارف الفكرية او احتقار دورها وشأنها او توبيخ الأبناء الذين يشغلون أنفسهم بهذه الجوانب غير المنتجة ، ويمكن استنتاج دور الجو الثقافي وأثاره من خلال متناقضين الأول يكمن في حالة المبالغة الشديدة من قبل الاهل بضرورة القراءة والمطالعة والإكثار منها واعتماد حقائقها الأمر الذي يؤدي الى غرق الابن بسبب أحمال المعلومات والكتب الثقيلة التي تبعده عن واقعه في كثير من الأحيان وتجعله صعب التكيف معه ، أما المتناقض الثاني فيكمن باستهانة الأهل بالدور الثقافي في حياة الأبناء والسخرية منهم الأمر الذي ينجم عنه عدة صراعات بين احترام الابن للبيت ومن فيه واحترامه للمدرسة والكتاب . |
|