|
فضائيات
إنّ ما تشهده المنطقة العربية هذه الأيام وما شهدته سورية مؤخراً قد يعبّر عن قذارة هكذا حروب إذ اعتمدت على الألعاب الإعلامية دون أن يقتصر هجومها على نوع واحد أو طريقة واحدة وفي هذا السياق برز لدينا شهود الزور (شهود العيان) الذين يتحدثون وكأنهم وسط الحدث بينما أثبتت الأدلة أنهم في معظم الأوقات كانوا في الغرفة الثانية لغرفة إعداد أو تقديم نشرات الأخبار!.ولم يتوقف الأمر على هذا إذ قدّمت لنا هذه الحرب (الإعلامية )عناصر وشخصيات على أساس أنهم ناشطون حقوقيون يملؤون الدنيا بدفاعهم وصراخهم عن حقوق الإنسان وعن الحريات وعن الإصلاحات ..وعن .. وعن!!. لكن على أرض الواقع لم يسمع بهم أي أحد!!.ولن أتحدّث عن استثمار بعض الخونة والمأجورين الذين مازالت آثار الفساد والدماء والقتل بادية على وجوههم القبيحة. بل سأتحدث عن أخطر ما في الموضوع ألا وهو التضليل الإعلامي وصناعة الصورة. في الحقيقة المنطقة تسبح الآن في بحر من الصور منها ما هو حقيقي ومنها ما هو مفبرك ومنها ما هو مزيّف لا أساس له من الصحة ومنها ما هو منقول من مكان إلى آخر..الصورة الكبيرة المكررة والمركّز عليها وعمليات اللعب عليها في سبيل الإثارة تحت مهمة واحدة هو صياغة الصورة لتقديمها للمشاهد في سبيل تحقيق هدف واحد يخدم عمليّة نفسيّة مهمة جداً تساعد في قولبة سلوك هذا المشاهد وصولاً إلى نقصان المعالجة الفكرية له (للمشاهد) واضمحلال المعالجة الصحيحة والوقوع في الخداع لأن العين هي الوسيلة الكسولة عند الإنسان وما تألفه العين تصدقه الآليات النفسية داخلياً ويعالجه العقل على هذا الأساس!. وربما أن ما حدث خلال الأسابيع الأولى في سورية وجعلنا نقف مصدومين أمام ما عرضته تلك الوسائل العفنة المخصصة لتلك الحرب الخبيثة. إنّ عدم نقل الصورة بالشكل الصحيح إلى الدماغ الذي يعالج ويحكم ويفرز ويحلل ويقرر وسينتج عن ذلك صدور الأحكام تبعاً لهذه الصورة ومن هنا فإننا نستورد الصورة ونستهلكها وندور في فلكها وبالتالي يقف عمل الدماغ ويرتوي بمجرد ارتواء العين واعتيادها على تلك الصورة. لكن في بعض الأحيان قد تكون الصورة صحيحة وحقيقية وغير مركّبة لكن يستطيع الآخر أن يوظّفها ويسخرها لتخدم أهدافه من خلال اختراقها للبوابات الأولى للحواجز النفسيّة الخاصة بنا ! أعتقد أنه من الأفضل لنا أن نقوي الاستراتيجية الإعلامية والتوجه الإعلامي في كل محطاتنا العامة والخاصة والمقروءة والمرئية والمسموعة لنصل إلى العلاقة القوية بين التكنولوجيا الإعلامية والفرد وصولاً إلى أن يصبح هذا الفرد جزءاً من صناعة الصورة وجزءاً من الرأي العام ومن توجه المحطة لا أن يكون هذا الفرد هو هدف لبعض المحطات فقط ! ربما تكمن المشكلة في عدم معرفتنا لإدارة هذا الإعلام والتأسيس له وجعله يؤثر بالآخرين وتوجيهه والدخول في عمقه ومعرفة التوقيت المناسب وطرح جملة من التساؤلات (لمن أوجه الخبر..بأي وسيلة أوجهه .. ما هو التوقيت المناسب لتوجيهه.. وبالإضافة لذلك متابعة هذا الخبر) طالما أن المواطن العربي يرزح منذ زمن طويل تحت وقع التأثير الموجّه إلى الرأي العام وقد يكون هذا ناتجاً عن أن الإعلام العربي ثائر خلف الرأي العام وليس أمامه !! |
|