|
ثقافة المسألة لا تتوقف هنا فقط، بل إن بعض المهتمين في الشأن الثقافي في اللاذقية تمثلوا حضارة أوغاريت بشكل ٍ أوسع من ذلك بكثير، حيث أن الحالة التي ذكرنا ليست إبداعا ً بقدر ما هي حفظ ٌ وتناقل ٌ لعبارات شفهية ٍ استمرت بين الناس من خلال التراث الأوغاريتي اللامادي. ولمعرفة تمثل هذه الحضارة العريقة، سنأخذكم في جولة ٍ شيقة إلى إبداعات ٍ متعددة الأشكال والمضامين: ترجمة الأوغاريتية إلى العربية (بيير بورد روي) عالم لغات ٍ فرنسي، ويعتبر القارئ الأول لألواح (تل رأس الشمرا – أوغاريت) ونقلها إلى الفرنسية ليتسنى للآخرين نقلها إلى لغات ٍ متعددة بعد ذلك. في تلك الأيام (منتصف القرن العشرين) كان علماء اللغات يلجؤون إلى العربية، أو العبرية للمقارنة اللغوية في سبيل معرفة معنى هذه الكلمة أو تلك، لكن هؤلاء كانوا يتعثرون في معرفة معنى كلمات ٍ كثيرة ٍ لا يجدون لها مرادفا ً لا بالعربية ولا العبرية، فكانوا حينها يلجؤون إلى جبرائيل سعادة الباحث اللاذقي المعروف طلبا ً للمساعدة: بورد روي – ما معنى كلمة(بت)سيد كابي ؟ جبرائيل – (يرد بالعامية) إي سأل أي واح باللادقية بيقلك، هي بنت. بورد روي – طيب هناك اسم ٌ يستخدم كفعل مثل (عين) كيف تستخدمونه ؟ جبرائيل – ليش كل هالسنين باللادقية ا سمعت حدا بيقول(عين) ؟ معقولة ؟ وهكذا، شيئا ً فشيئا ً اكتشف السيد (بورد روي) أن قاموسه الضائع ليس بعيدا ً عن أزقة حواري اللاذقية القديمة، فهو ليس في باريس ولا نيويورك، إنه في (الصليبة) و(الأشرفية)، إنه في الحس الشعبي الذي استمر منذ آلاف السنين في هذا الشعب ذي الرسالة الحضارية المتميزة. من يومها صار يلجأ –عند أية إشكالات ٍ لغوية – إلى أهل اللاذقية ليفسروا له هذه الكلمة أو تلك. ومن هنا نقول نحن في اللاذقية سعداء لممازحاتكم، بل وفخورون بها. الفن التشكيلي وأنت في اللاذقية تشعر بالأصول الأوغاريتية، وبتأثر بعض الفنانين من أبنائها، أو القاطنين فيها، بالفن الأوغاريتي بشكل ٍ مباشر أو غير مباشر وإذا قدر لك أن تكون ناقدا ً حياديا ً ستقول مباشرة ً: إن أعمال مصطفى علي – د. عماد لادقاني – محمد بدر حمدان – حسن حلبي – محمد أسعد (سموقان) عيسى بعجانو (هيشون) محمد بعجانو – على سبيل المثال لا الحصر تتأثر قليلا ً أو كثيرا ً بالفن الأوغاريتي ربما بالتمثال، الختم الأسطواني، اللوحات الجدارية، واللوحات والتقدمات الجنائزية، وبتفاصيل ميثولوجية من ملاحم وأساطير أوغاريت. ويمثل من ذكرت اتجاها ً تشكيليا ً حقيقيا يعشق الحضارة الأوغاريتية، ٍويتمثلها بهذا الشكل أو ذاك لكنه على الأغلب يعيد تشكيل ما تركته هذه الحضارة فهو ليس بفوتوغرافي ٍ ممل ٍ وهذه نماذج ممن أعمالهم: المسرح والموسيقا يمكن اعتبار الميثولوجية الأوغاريتية بداية المسرح في العالم، أعدت كتابتها دراميا ً وقمت بتقسيمها إلى ثلاث: «الملك كارت»، «أقهت بن دانييل»، «البعل»، وصيغت بما يتوافق مع لغة ومجتمع زمننا هذا، حافظنا قدر الإمكان على الحدث، لكننا تدخلنا في التفاصيل.ورممنا النقص الحاصل في نهاياتها التي جاءت ناقصة ً كلها. أخرج المسرحيات الثلاث للمسرح القومي المخرج لؤي شانا: قدمت مسرحية (كارت) في مهرجان ملامح أوغاريتية الرابع عام 2003، وأعيد تقديمها في مهرجان المحبة (آب) العام نفسه. قدمت مسرحية (أقهت الأوغاريتي) في مهرجان ملامح أوغاريتية السابع عام 2006. قدمت مسرحية (بعل صافون) في مهرجان ملامح أوغاريتية الثامن عام 2007، وأعيد تقديمها في مهرجان الرقة المسرحي (تشرين الثاني) العام نفسه. أما بالنسبة للأشعار فقد أعدنا كتابة وتلحين مجموعة منها أنا و الموسيقار زياد عجان الذي قام بتلحينها وفق التنويط الأوغاريتي، ونفذها (كورال الكنيسة الوطنية الإنجيلية) بقيادة الفنان القس أمير اسحق. |
|