تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مع من ...ضد من ?

رؤية
الاربعاء 13/7/2005م
سلمان عز الدين

لا يزال الكثير من المثقفين يحتفون بانتهاء زمن الايديولوجيا يقولون , في مقالاتهم وحواراتهم الصحفية, أن الوضع صار أفضل بعد تحررهم وإلى الأبد من عبودية العقائد الجامدة ,

والأفكار المسبقة والمواقف المتشنجة , والالتزام الساذج بقضايا كبرى مزعومة ..‏

صحيح ماينعتون به تلك الأزمنة ولكن صحيح أيضاً آن هذا لا يستحق أي احتفاء , ذلك ان البدائل المتحققة إلى الآن ليست أقل تجهماً وكآبة ...‏

كانت معارك طائشة بمتاريس وخنادق متقابلة , ومع ذلك فقد كان ( المتقاتلون ) يملكون نعماً نفتقدها اليوم : هوية مؤكدة ,رؤية واضحة, أهدافاً محددة والأهم : قضية ما تتجاوز ذواتهم ينخرطون فيها ويقاتلون من أجلها ...‏

كان يكفي أن تختار خندقاً لتعرف من أي اتجاه تأتيك السهام وإلى أي اتجاه عليك رشقها ..‏

ما حدث بعد ذلك ... وإلى الآن ,هو أن هذه المعارك صارت أكثر عبثية , تشظت الأحلاف وتكاثرت الخنادق حتى صار كل خندق يضم فرداً واحداً فقط , وإذ حلت الأنا المتضخمة مكان الحزب , العقيدة , الفكرة فقد صار الهدف الوحيد خلف كل معاركنا الثقافية , هو أن يثبت كل منا أنه عبقري فيما الآخرون جهلة وأميون .‏

ترسم الصحف ومواقع الانترنت كل يوم مشهداً فنتازياً :‏

صراعات دامية تتمحور كلها حول صيغة وحيدة : ( أنا) وطني مخلص ذكي وعميق مقابل جميع الآخرين , الجهلة والخونة والسطحيين ..‏

كل منا هذا ( الأنا) وكل منا هؤلاء الآخرين وذلك تبعاً لمن يأتي دوره في استعراض بطولاته وأمجاده...‏

من مع من ضد من ومن أجل ماذا ..?? الأجوبة معلقة ريثما ينقشع غبار المعارك التي يخوضها فرسان عصر ما بعد الايديولوجيا ...‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية