|
حديث الناس فهل ستتركز الجهود على تسوية الخلاف على النسبة والعدد أم سوف ندع ذلك جانبا, ونبدأ بمعالجة حالة الفقر..? (لو كان الفقر رجلا..لقتلته) عبارة بليغة, لم يقلها الإمام علي بن أبي طالب عبثا, قالها على قاعدة التضامن الشديد مع الفقراء. التجربة الحياتية للإمام علي عليه السلام ساهمت على ما يبدو في وصوله الى قناعة أدت لإطلاق تلك العبارة, التي تظهر وكأنها عجز عن مكافحة الفقر, ولكن في مضمونها تشير الى مناهضته وضرورة مكافحته, باعتباره كالرجل الذي يستحق القتل, وهكذا رجل- حتى وإن عجزنا عن قتله- فهو رجل مدان وقد اقترف عملا يستحق عليه القتل, وبالتالي لا يجوز أن نتركه على هواه, وعلينا ملاحقته في كل مكان حتى وإن كان كالشر لا يمكن إدراكه ولا قتله, ولكن بكل تأكيد يمكن محاصرته, وإنهاكه, إن اشتدت الهمم على ذلك. فهل سنقوى-نحن في سورية-على محاصرته وإنهاكه?! في الحقيقة معظم الدلائل تشير الى متاهات تواجهنا في المحاصرة المأمولة للفقر الذي يعشش في أركان بلدنا, ويساهم العديد من السادة المسؤولين رغم أنهم هم المعنيون بتلك المحاصرة والمكافحة فإنهم يساهمون في زيادة نسبة الفقر, وفي الإكثار من عدد الفقراء, من خلال انشغالهم بمصلحتهم الخاصة, واهتمامهم بقضايا لا تشكل أي حجر عثرة في وجه سلطان الفقر الذي يسيد ويميد. ما يعني أن مسؤولا يرتشي ويرتكب وتمتد يداه الى الأموال العامة..?.. إنها سياسة إفقار, ما يعنيه أن موظفا في موقع حساس يمارس عرقلة أمور الناس, والابتزاز, ويمارس الرشوة أيضا..?..إنها كذلك الأمر سياسة إفقار. أحد السادة المسؤولين قال لي مرة: إنني أحمد الله فعلا باعتباري لم أمد يدي يوما الى الأموال العامة, فأموال الدولة محفوظة ولا يمكن مسها, ولكن إذا تعامل أحد التجار معنا, فالأمر يختلف لأن أمواله ليست أموال دولة, وإن استفدنا منه, فإنه يستفيد أيضا..!. هكذا بكل براءة يعتقد الكثير من المسؤولين في هذا البلد, والمصيبة أن الذي يفعل هكذا منهم, يظن نفسه أنه (نزيه) جدا..متناسيا أن هذه الفوائد من التجار سوف تحمل على أسعار المواد, ما يرفع من سعرها, وهذا يعني أن الدولة سوف (تتكحل بها) بشكل غير مباشر, ما يعني هدرا في الأموال العامة وفواتا لفرص مأمولة للذين يفتك الفقر فيهم. بكل الأحوال..لو أننا جادون في مكافحة الفقر فعلا لكان بالإمكان إيجاد المزيد من السبل, بعيدا عن التعقيدات, غير أن هذه السبل يضيّق حولها, كي يستفيد (الشباب) ويفيدون..! |
|