تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بـ (موضوعية) تخسر شركات القطاع العام الصناعي?!... وبالفساد والموضوعية نفسها.. سيصلون بها إلى الإفلاس

اقتصاد
الاربعاء 13/7/2005م
أسعد عبود

معظم شركات القطاع العام الصناعي خاسرة.. وحسب ما يرد أن الخسارة لأسباب موضوعية وأنه لا علاقة للإدارة بها.. وهكذا تصبح الإدارات أكثر ثباتا من الشركات.. ولأسباب موضوعية..

شيء مضحك فعلا.. وإلى درجة ذرف الدموع.. كي تستطيع إدارة في شركة صغيرة تمر عليها السنون وهي في مواقعها.. أن تبرر الخسارة بالموضوعية?! برأيي يجب أن يمنعوا جميعا عن استخدام كلمة موضوعية.. لأن أي فرضية للموضوعية تفترض إبعادهم عن كراسي الإدارة تحت طائلة المطالبة والمحاكمة..‏‏

الشيء الأول الموضوعي الذي يفترض أن يكون أن المدير الذي تخسر شركته وهو يريدها ولأي سبب كان , هو أن يتقدم باستقالته على الفور.. فهل فعلها مدير شركة واحد في سورية?! أنهم يتربعون على الكراسي التي تخّت من تحتهم حتى ولو احترقت الشركة.. فمديرها أهم منها?!‏‏

مدير شركة صناعية يديرها منذ نحو ربع قرن, ونقلها من مرغوب إنتاجها ومطلوب, وميزانيتها رابحة إلى حديث للناس عن الفساد المرتكب إلى درجة أن الجميع يهابونه ويخافونه ¯ أرأيتم أن للفساد قوته ¯ . وعندما غامر صحفي ونشر أرقاما ومعطيات اعتمد فيه على ملف الشركة وإجابات مديرها العام.. اعتبر هذا الصحفي مغامرا بحياته.. وأعتبر المدير العام أن الشركة مست لأنه تعرض لطرح اسمه مع هموم الشركة.. فتفرغ لمتابعة الصحفي مرة باسمه الشخصي ومرة باسم الشركة )وحدة حال) ومرة باسم السلبطة.. وبقي في مكانه يتحدى أن يكون للصناعة من يخسرها موضوعيا أكثر منه!?‏‏

بالمناسبة أنا لا أعتبر تغييره أو غيره هدفا بحد ذاته.. لأنني بصراحة أخشى القادم.. لكن المرعب أن ذلك كله لم يحرض لدى الجهات المعنية أي تساؤل عن ما الذي يجري.?! كيف يصبح مديرا عاما أهم من الشركة..?.‏‏

عفوا لهذه المقدمة الحامية بعض الشيء.. لكنها مقدمة لموضوع بارد.. حول الميزان التجاري.. والذي ظهر خاسرا في العام المنصرم .2004‏‏

يخسر الميزان التجاري إن تراجعت الصادرات أو إن زادت المستوردات. وبرأينا أن خسارة الميزان التجاري نتيجة زيادة المستوردات أفضل بكثير من خسارته نتيجة تراجع الصادرات.. فخسارة الميزان التجاري بحد ذاتها وبشكل مجرد لا تشكل الدليل الأهم للوضع الاقتصادي.. ذلك أن التنشيط الاستثماري وإقامة العديد من المشاريع يؤدي إلى خسارة ناجمة عن زيادة المستوردات.. وهذا اقتصاديا ليس بسيئ لا سيما وأن الميزان التجاري يعتمد على سجلات الجمارك.. وفقط.‏‏

ولننتبه إلى تفاصيل الميزان التجاري لعام 2004 نلاحظ تراجع مستوردات العام وزيادتها في الخاص.. وهذا طبيعي لدولة تعوّل على الخاص في عملية التنمية والاستثمار منذ نحو /15/ عاما.. ونلاحظ تراجع الصادرات للعام وبحجوم كبيرة رغم أنه يتمتع بالسيطرة على منتجات قابلة للتصدير أو أسهل تصديرها.. في حين أن الخاص يشهد تحسنا في صادراته حيث وصلت قيمها إلى /65/ مليار ليرة.. وهي في العام نحو /48/ مليار ليرة.. وخارج الميزان التجاري وبميزان الحسابات ورصد التصدير خارج سجلات الجمارك.. نعتقد أن رقم الخاص في التصدير أعلى من ذلك بكثير.. فمعظم التصدير بصحبة المسافر أو بالتهريب مصدره القطاع الخاص..‏‏

أقول ذلك كله لسبب رئيسي هو ألا يتفضل السادة القائمون على القطاع العام الصناعي بما فيهم وزارة الصناعة المقصرة إلى حدود العجز عن إظهار الحقائق ومعالجة المشاكل.. فيقدمون الميزان التجاري دليلاً على أن وضع القطاع العام الصناعي.. سليم.. وأزمته موضوعية.. كما يفعل السادة مدراء الشركات وخصوصا المزمنون منهم..‏‏

خسارة شركات القطاع العام الصناعي مشعبة على ثلاث خسارات:‏‏

1¯ الخسارة الحسابية البسيطة إذ تعجز هذه الشركات عن استعادة رأس مالها السنوي الدوار.. فتخسر.. )موضوعيا طبعا?!!)‏‏

2¯ الخسارة الناجمة عن فرص الربح والتطوير الضائعة نتيجة جهل الإدارة وفسادها..‏‏

3¯ الخسارة الناجمة عن الإساءة لفكرة قطاع عام حتى جعلت الدفاع عنه صعبا..‏‏

وضع القطاع العام الصناعي, قائم على فكرة جوهرية تقول:‏‏

لا نستطيع أن نعمل إلا على مبدأ الاحتكار.. ومبدأ الاحتكار إضافة إلى طريقة محاسبة القطاع العام بالنسبة لسعر القطع الأجنبي الذي يستخدمه.. هو المبدأ الذي كانت تسجل فيه الأرباح الوهمية للقطاع العام.. حتى أصبح أي مدير شركة لا يقبل مقارنته بالخاص إن خضع لشروطه وهما يمارسان الصناعة نفسها.. وفي رأينا..‏‏

إن الاستثمارات الحكومية في الصناعة ) القطاع العام) ليست ممكنة.. بل هي ضرورية.. وليست قابلة للربح وحسب.. بل هي تستطيع المنافسة.. لكن ليس بإدارة الوزراء الهابطين على الصناعة كالقادم من القمر أو المديرين المتفرغين لملاحقة الصحفيين .‏‏

لقد طال زمان الحديث عن إصلاح القطاع العام الصناعي.. فهل هدف الإطالة تدميره بحجة حمايته..‏‏

لا بد من حمايته لكن.. ليس كما هو.. وإنما كما يجب أن يكون.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية