|
ترجمة بل إنها قد تثني على ما تقوم به إسرائيل من تصرفات مهينة. وقد جاء تصرفها الأخير المتمثل بإلغاء تأشيرات الدخول لمواطنين من تلك الدول يعملون في منظمات غير حكومية وسبق لهم أن منحوا التأشيرات المطلوبة للدخول بمثابة الصفعة عندما لجأت وزارة الداخلية إلى استبدال التأشيرات السابقة بتأشيرات سياحية تتيح لها حرية التحرك أو القيام بأي نشاط على الرغم من أن أغلب هؤلاء الأفراد من الموظفين الذين يعملون لدى المنظمات الإنسانية التي كان لها الدور الفعال في مساعدة الفلسطينيين في كل من قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. إن لجوء إسرائيل إلى اتخاذ مثل هذه الخطوة لايمثل في واقعه إلا تعبيراً صريحاً عن ازدرائها لمنظمات الإغاثة الدولية، ونكراناً للجميل بالنسبة للدور الذي قامت به تلك المنظمات إزاء النار التي أشعلتها سياساتها العنصرية التي تمارسها ضد الفلسطينيين في الأراضي. علماً بأن تلك المؤسسات سواء كانت خاصة أم حكومية أم شعبية فإنها قادمة من دول صديقة لإسرائيل معظمها الدول الغربية التي تبذل جهوداً لإصلاح الأضرار التي قام بها الاحتلال في الماضي والحاضر. إن ما تتلقاه السلطة الوطنية الفلسطينية والمنظمات غير الحكومية الدولية والمنظمات الفلسطينية يعطي دليلاً على أن العالم يقف إلى جانب الفلسطينيين وطموحاتهم وتوجهاتهم لإقامة دولة مستقلة ضمن الحدود التي كانت قائمة في 4 حزيران عام 1967. لكنه يبدو أن إسرائيل تتمتع بحصانة لجهة ما ترتكبه من أعمال، إذ لم نجد العالم يطلب منها في عام 1993 دفع أي تعويض عن الأضرار التي ألحقتها بالشعب الفلسطيني جراء احتلالها لأرضه عند بحث ما يسمى بعملية السلام، بل إن الدول الصديقة لها هي من تعهد بتقديم الأموال عوضاً عنها دون أن يُمارس أي جهد للضغط الحقيقي لعلها تنصرف عما تتبعه من أساليب وسياسات تقيد وتحول دون تطور الضفة الغربية، تلك السياسات التي دأبت عليها في قطاع غزة والقدس الشرقية والتي أفضت إلى كوارث إنسانية. ويبدو أن الحكومات الغربية قد وجدت بأن صرف بلايين الدولارات من أموال دافعي الضرائب أسهل عليها من السعي إلى تطبيق القرارات والقوانين الدولية على إسرائيل. إن ما أقدمت عليه إسرائيل من إلغاء منحها للتأشيرات يمثل أسلوباً آخر لترسيم حدودها مع الكيان الفلسطيني المقبل الذي تُبيت له بأن لا يكون شاملاً القدس الشرقية، إضافة إلى بذل قصارى جهودها لتقليص الوجود الفلسطيني في المدينة، ودون أن تعتبر قطاع غزة جزءاً من هذا الكيان، وهم في إطار ذلك يعتبرون جدار الفصل المتعمق في الضفة الغربية حدوداً للدولة، وتكتسب تلك المقولة دعم وتأييد المجتمع الإسرائيلي المعتدل، إضافة إلى وجود دعوات لإلحاق معظم المنطقة «سي» بإسرائيل. يبدو أن وزارة الداخلية تبذل قصارها جهدها لخلق تلك الوقائع على الأرض، من حيث تقييدها لتحركات الأجانب الذين يقصدون مناطق السلطة الفلسطينية، أي مناطق «أ» و»ب» التي تمثل 40% من مساحة الضفة الغربية، وتجعل زيارتهم مقتصرة على تلك المناطق فقط، وتحظر عليهم دخول مدينة القدس أو قطاع غزة أو المنطقة سي. على الرغم من كونها جميعاً تحتاج للمساعدة والدعم من قبل المنظمات الإنسانية. كل ذلك تتبعه إسرائيل بهدف التضييق على الفلسطينيين ومنع تطورهم وتحسين أوضاعهم. أشارت اتفاقيات أوسلو إلى كثير من الأمور منها السفر والإقامة للأجانب فيما يتعلق بالضفة الغربية وغزة، لكن يبدو بأن وزارة الداخلية لا تميز بين حدود السلطة الفلسطينية وحدود إسرائيل، لأن حدود الأخيرة مازالت مبهمة على نحو متعمد معتبرين أن الحدود هي كل ما يحيط بأراضي السلطة الفلسطينية، تلك السلطة التي لا تتمتع بحق تحديد من يدخل إلى أراضيها عبر مواقع المعابر الدولية المهيمن عليها من قبل إسرائيل ووزارة داخليتها التي تستمر في منع دخول الكثير من الأجانب الذين لديهم عمل في داخل الأراضي الفلسطينية أو صلات عائلية أو علاقة صداقة مع بعض الفلسطينيين. اعتبر الدبلوماسيون الغربيون أن قيام وزارة الداخلية الإسرائيلية بمنع دخول الأجانب إلى الأراضي الفلسطينية أمر من حقوق السيادة التي تجيز لها فرض القيود على من يدخل عبر نقاط العبور التي تهيمن عليها، وإزاء ذلك فإن التهاون الدبلوماسي والسخاء المالي للدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، قد شجع إسرائيل على الاستمرار في إتباع وتطبيق ما ترغبه والإبقاء على الحصار والمعاناة للشعب الفلسطيني. بقلم: عميرة هاس |
|