|
هآرتس ولعل هذا ما قصده الرئيس باراك اوباما حين قال لمجلة «التايم» إنه لو توقع المشاكل السياسية بين الطرفين في وقت مبكر أكثر، لكان توخى الحذر أكثر قبل أن يرفع مستوى التوقعات بهذا القدر. والمفارقة هنا، انه إذا كان مهندس اوسلو ، يشهد على ان الرجل الذي لم يوفر جهدا في القاء اتفاقه الى سلة مهملات التاريخ «يبحث عن سلام تاريخي»، فلماذا ينبغي لأحد ان يشكك في نياته؟ منذ زمن غير بعيد نجح بيريز في اقناع حتى المصريين المتشككين انه قبل ان يقول لزوجته «صباح الخير.. يسألها : حسنا يا سارتي، ماذا سنفعل اليوم من اجل السلام التاريخي مع الجيران» ؟. وعجباً إذا، لماذا لم يتحقق السلام حتى الآن؟ هذا يرتبط بمن تسألون. حسب أوباما، فإن الطرفين، الاسرائيلي والفلسطيني، يجدان صعوبة في الشروع في مفاوضات ذات مغزى. في مقابلة «التايم» تحدث اوباما بنفس واحد عن حماس التي تصارع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وعن الائتلاف الاشكالي لنتنياهو- عباس، كما هو معروف، يرفض ضم حماس الى حكومته، بسبب رفض المنظمة تبني حل الدولتين على اساس خطوط 67. وفي المقابل، يوجد في حكومة نتنياهو، وحتى داخل حزبه، تمثيل كبير للمعارضين لتقسيم البلاد. وفضلا عن ذلك، فان نتنياهو وايهود باراك يفضلان الائتلاف مع اليمين المتطرف على حكومة وحدة مع حزب الوسط أي كاديما. أما حسب بيريز، فان ابا مازن وحده هو المذنب، دون ان ينطق بكلمة عن نتنياهو. الفلسطينيون هم الذين تسلقوا الشجرة في موضوع تجميد البناء في شرقي القدس. وخلال زيارته الى القاهرة قبل شهرين، وعد بيريز أنه فور استئناف المفاوضات، لن يكتفي نتنياهو بتجميد تام للبناء «القانوني» في المستوطنات، بل سيخلي أيضاً البؤر الاستيطانية غير القانونية. هذا أمر لا يصدق! رئيس الوزراء مستعد حقاً للوفاء بالتعهدات الدولية (خارطة الطريق) التي وقعت عليها اسرائيل قبل سبع سنوات؟ إنه يستحق بالفعل الميدالية الذهبية من مركز بيريز للسلام !. وماذا سيحل بالأحياء العربية في شرقي القدس بعد أن تبدأ المفاوضات (حسب خطة بيريز لن تشمل المرحلة الأولى بحث قضيتي القدس واللاجئين) فهل الرئيس مستعد للتعهد بأنه عندما يخرج عباس من اللقاء مع نتنياهو، لن يسمع في الإذاعة عن إقامة حي يهودي جديد في جبل الزيتون؟ وإذا كان مسموحاً لرئيس الجميع أن ينشغل بشؤون سياسية هي موضع خلاف، فلماذا يحرص على الصمت في الشؤون الرسمية في مسائل أخلاقية مثل القاء عائلات لاجئي 1948 من غربي القدس من منازلهم في شرقي القدس الى الشارع ؟ فهل سمع أحد ما بيريز يقول شيئاً عن اعتقال مجموعة من نشطاء اليسار الذين كانوا يحتجون ضد تحقير العدالة في الشيخ جراح؟ أليس لديه ما يقوله عن قرار صديقه الجديد، أيهود باراك، لرفع مستوى الجامعة في مستوطنة أرئيل؟ لعل الرئيس منشغل في الإعداد لهجوم جديد آخر على القاضي ريتشارد غولدستون، قبل النقاش الذي سيجرى في الأمم المتحدة الأسبوع المقبل حول تقريره عن عملية «الرصاص المصهور» . ماذا كان سيفعل بيبي دون بيريز؟ لماذا يرسل إلى الجمعية العمومية وزير الخارجية الاشكالي ليبرمان الذي اختاره، حين يكون الحائز على جائزة نوبل للسلام مستعداً دوماً لأن يطفىء كل الحرائق؟ بيريز انتقل من حزب مباي الى حزب رافي، ثم عاد الى تجمع المعراخ. حاول التنافس على رئاسة الوزراء بتمثيل من حركة ميرتس.. جلس في حكومة شارون وانتقل معه الى كاديما. من الطبيعي جداً أن يكون مستعداً لأن يخدم حكومة الليكود. ولكن في الأسبوع الماضي نجح بيريز في مفاجئتنا. حسب تقرير في «هآرتس» حذر بيريز الرئيس الفلسطيني بأنه «يلعب بالنار» وذلك لأن استمرار الجمود السياسي سيقود الى انتفاضة ثالثة. وبدلاً من الوقوف بشجاعة أمام الجمهور الاسرائيلي والتحذير من استمرار الاحتلال والخطر الذي يحدق بمستقبل اسرائيل، فإن الرئيس يدحرج إلى بوابة الفلسطينيين المسؤولية الكاملة عن فشل المسيرة السياسية ويرسم الخطط الإعلامية لجولة العنف التالية. إن بيريز هو شخص فريد في جيله حقاً. بقلم : عكيفا الدار |
|