|
مجتمع ملابسها كانت قديمة ورقيقة تسمح لبرد الشتاء باختراق العظم. أما زوجها فكان بكامل أناقته ولا يبدو عليه التعب أو الشقاء في حياته وكأنه يصغر زوجته بعشر سنوات على الأقل... عندما سألتها عن عمرها قالت لي إنها في الثانية والأربعين .. إنها السيدة أم عمر من ريف حلب.. بدأت تحدثني عن قصة حياتها قائلة: منذ صغري وأنا أعمل في الزراعة وعندما بلغت السابعة عشرة من عمري تزوجت لأنتقل من العمل عند أهلي الى العمل في بيت زوجي ومع أهله فكنت أجهد في الأرض والبيت معا. وبعد مرور سنة على زواجي رزقت بطفل لكن هذا لم يشفع لي من القيام بالأعمال الكثيرة التي أقوم بها بل ازدادت مسؤوليتي. فمنذ الصباح الباكر أذهب للقيام بالأعمال الحقلية المتنوعة رغم صعوبتها كالزراعة والقطاف وجمع الغلال الى جانب الرعي وحلب الألبان وتصنيعها في المنزل إضافة الى تربية الدواجن وأقوم ببعض الصناعات اليدوية المنزلية. تتابع السيدة أم عمر: اليوم بعد أن مضى على زواجي هذه السنين أصبح لدي عشرة أولاد من بينهم طفلة معوقة أقوم بالعناية بها.. وهكذا مرت سني عمري في الكد والشقاء حرمت من فرصة التعليم، وتضيف أن المرأة عندهم في الريف تحرم من حق الميراث ولا تتجرأ أن تطالب بهذا الحق المشروع لها. وإذا أكرمها زوجها يشتري لها بعض الحلي الذهبية التي تتزين بها.. ويمكن التصرف فيها في حالة تعرض الأسرة لأي أزمة اقتصادية. -قلت لزوجها الأنيق: هل أنت أصغر سنا من زوجتك فأجابني مسرورا :إنه في الثانية والأربعين أي من عمر زوجته... وعند سؤالي له إذا كان يساعدها هي وأولادها في الأعمال الزراعية قال لي: أنا أقوم بتأمين ما يحتاجونه من بذار وأدوات أي أنه (مدير أعمالهم) كيف لا والرجال قوامون على النساء.. ولدى استفساري عن سبب قدومه مع زوجته الى دمشق قال :لي أنهم جاؤوا لزيارة ولدهما الذي يخضع للخدمة الإلزامية. وأخبرتني أم عمر أن ولدها تزوج منذ شهر من فتاة في السادسة عشرة، وجاؤوا لزيارته من أجل أن يطمئنوا عليه. وقد فسرت لي زواجه قبل إنهاء خدمته العلم لأن أخته تزوجت منذ عدة شهور فأسرعوا في تزويج ولدهم من أجل أن تساعدهم كنتهم الجديدة في الأعمال الحقلية والمنزلية دون كلل. هذه حالة من حالات ربما تكون كثيرة ، تعاني منها المرأة وهي تحاول :أن تحمل عشر بطيخات في يد واحدة دون كلل أو ملل أو شكوى لأن هذا واجبها، فهي تعمل لتريح الآخرين وتفني عمرها في سبيل أن يحيا غيرها... وتحكمها عادات وتقاليد اكتسبت صفة القداسة. |
|