|
فضاءات ثقافية من يقرأ الرواية يدرك أنه «أمام تأريخ يومي للحياة في تلك المنطقة ويدرك أيضا عبثية ذلك الصراع وسوء الفهم المستحكم بأطرافه « اختار هوبير حداد الصراع المشتعل منذ عقود في الشرق الأوسط، وبالضبط في الأراضي الفلسطينية بين الفلسطينيين والإسرائيليين موضوعا لروايته التي تحمل عنوانا أكثر من معبر:«فلسطين»، والتي مزج فيها بين السرد الروائي والتاريخي والربورتاج الصحفي.و أشار هوبير حداد في مقابلة معه :«لا شيء تغير في المنطقة منذ عام 1968». تجري أحداث الرواية في الضفة الغربية، وبالضبط في جنوب الخليل بين القرى العربية ومستوطنة بير شوف. والكل يعرف رمزية الخليل بالنسبة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومكانتها الدينية لدى الجانبين. الجندي الإسرائيلي شام، يستيقظ من نومه ليجد نفسه في مقبرة عربية وعلى رأسه كوفية فلسطينية. لقد فقد الذاكرة وهو لا يحمل معه أوراقا ثبوتية ولا يتذكر شيئا عن ماضيه، بل ولا يتذكر حتى اسمه. يجد نفسه بعدها في ضيافة أسرة فلسطينية، هي من ستطلق عليه اسم نسيم. اسم كان يحمله شخص آخر في الماضي، انقطعت أخباره وانمسح أثره، إنه ابن صاحبة البيت اسمهان الضريرة وأخ فلسطين، التي ستزعم أمام الجميع بأن أخاها نسيم عاد بعد طول غيبة. يبدع هوبير حداد في وصف تناقضات المجتمعين وصراع الهويات والأفكار المسبقة التي تسمم الأجواء يوميا بين الجانبين، لكنه يبدع أكثر في وصف العسف الذي يعيشه المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال. وتؤكد الرواية بأن كلا الطرفين كان بإمكانه أن يكون مكان الآخر، وكلا الطرفين يمتلئ حبا لهذه الأرض ومع ذلك تقوم الأسوار والحواجز وتنتشر الدوريات في كل مكان لتنفي الآخر «بعيدا عن العين، بعيدا عن القلب» كما يقول المثل الفرنسي. شام، والذي أصبح اسمه منذ الآن نسيم، سيعيش معاناة الفلسطينيين، وسيرتدي جلد الفلسطيني ويتجرع قدره اليومي، سيعيش معاناة الطرف الآخر يوميا، معنى أن تكون غريبا في جلدك أو أرضك. |
|