|
قاعدة الحدث لكنها كانت فاسدة لدرجة أن أصحاب حدائق الحيوان رفضوا إعطاءها لحيواناتهم كما أن فعالية الأودية كانت منتهية قبل خمس عشرة سنة».. هذا ما قاله (لاري سايمون) المسؤول عن منظمة أوكسفام أميركا وأضاف: «إن منظمات الإغاثة قامت أيضاً بشحن 800 حقيبة من أغذية الأطفال الفاسدة إلى معسكرات اللاجئين في هندوراس، كما شحنت 51 ألف طن من الأغذية الأوروبية إلى مناطق موزمبيق المتأثرة بالمجاعة في إفريقيا، وعند وصول تلك الشحنة وجد أنها قديمة ومليئة بالحبوب المكسرة والأوساخ والطين وغير صالحة للاستهلاك».. هذا في حين صرح عضو البرلمان الأوروبي (ريتشارد بالف): «إنه من غير المقبول أبداً أن نقوم بتصدير غذاء لا نأكله نحن أنفسنا». والحقيقة أنه على الرغم من الدور الإنساني الذي تضطلع به المنظمات والهيئات الدولية المستقلة منها أو التابعة لمنظمات الأمم المتحدة في مجال الإغاثة، إلا أن النوايا السيئة والأجندة الخفية لبعض المستغلين لا تزال تعمل في وضح النهار وتتراوح بين الاستغلال الاقتصادي والإتجار بالبشر أو التجسس أو الضغط السياسي ولا سيما أن قائمة مافيا الإغاثة تطول كما أن سجل المتاجرين بمحن وآلام المنكوبين متخم! وفي هذا الصدد تؤكد منظمة أطباء بلا حدود أن 60٪ من الأدوية التي وصلت إلى البوسنة والهرسك خلال سنوات الحرب الأخيرة لم تكن صالحة، وحسب بيانات المنظمة فإن 17 ألف طن منها لم يكن صالحاً أو موافقاً عليه طبقاً للمعايير العالمية وإن المتبرعين بها قد ربحوا 25 مليون دولار هي نفقات التخلص منها في بلادهم. بينما بلغت كلفة إتلاف المساعدات الدوائية غير الصالحة التي وصلت إلى البوسنة والهرسك خلال سنوات الحرب 1992 - 1996، قرابة 34 مليون دولار، بينما كانت قيمة هذه الأدوية الفاسدة في الكشوف الرسمية 17 مليار دولار. هذا في حين كشفت الوقائع والوثائق بأدلة دامغة أن معظم منظمات الإغاثة الغربية التي تدفقت إلى إقليم دارفور السوداني إنما تدفقت برغبة التجسس (منظمة التحالف من أجل إنقاد دارفور بينما أكدت معلومات رسمية أن هناك 130 منظمة أوروبية يرتبط بعضها، بجهات استخباراتية غربية تتلقى منها التوجيهات وتعطيها المعلومات). والإتجار في الأطفال (منظمة أرش دو زوي بمعنى قوس الحياة والتي تم ضبطها متلبسة بسرقة 103 أطفال من دارفور عند الحدود السودانية التشادية عام ٢0٠7) وتحويل تلك المحنة الإنسانية إلى سوق تجاري من جانب، وصفقة سياسية لابتزاز السودان ومساومته على مواقفه المعارضة للسياسات الاستعمارية من جانب آخر.. وفي أندونيسيا نقلت صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن (فينون بريوير) رئيس منظمة وورلد هلب العالمية الأميركية قوله في أحد المؤتمرات الصحفية إن منظمته نقلت نحو 30٠ طفل إلى خارج إقليم آتشيه وذلك أثناء اجتياح كارثة التسونامي للأراضي الأندونيسية. من جهة أخرى يرى باحثون أن هناك نفاقاً واضحاً وتوجهاً أيديولوجياً محدداً سلفاً لدى أميركا والغرب إزاء أعمال الإغاثة في دول العالم النامية لا تقل خطورة عن التجسس والإتجار بالبشر وتتمثل في ازدواجية المعايير المتبعة في العمل الإغاثي وتسييس أهدافه بل وأحياناً العمل على منعه أو تخفيضه بدرجات لا تتناسب إطلاقاً وحجم الكارثة ،ومن المؤشرات الواضحة على هذه الازدواجية المفضوحة تغاضي الدول الغربية عن قيام العديد من الجمعيات والمؤسسات الإنسانية الغربية والأميركية بجمع تبرعات لمصلحة إسرائيل التي تستخدمه في تعزيز احتلالها أو في بناء مستوطناتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة كما صاحب ذلك تجميد الحسابات والأرصدة المالية لمنظمات الإغاثة والمؤسسات الخيرية العربية بحجة تقديمهم المساعدة لأبناء الشعب الفلسطيني حيث أشارت بعض المصادر إلى تجميد ومصادرة 135 مليون دولار، كما تم إقفال بعض المؤسسات الإنسانية مثل مؤسسة الأرض المقدسة للإغاثة والتنمية بولاية تكساس وفروعها في كاليفورنيا ونيوجرسي والينوي عام 2٠٠1، وتبع ذلك إقفال بعض المؤسسات المعنية بدعم الفلسطينيين في أوروبا مثل ما حدث لجمعية الأقصى الخيرية في آخن بألمانيا. ورغم أن المدنيين ظلوا على مدى العصور وحتى في عصرنا هذا عرضة لهمجية النزاعات المسلحة الدولية المتكررة والآثار الوخيمة التي تركتها لدى الإنسانية، ولاسيما في مواجهة سلطات الاحتلال التي تملك في حوزتها كل أدوات القهر والسيطرة بينما المدنيون عزل من كل سلاح ومع أن العام 1948 شهد صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تلاه اتفاقيات جنيف الأربع التي بموجبها أصبحت الدول ملزمة بحماية المدنيين وطواقم الإسعاف والمؤسسات الطوعية والإغاثية إلا أن الواقع يؤكد أنه غالباً ما يتم انتهاك لهذه المواثيق والاتفاقيات الدولية. ففي الوقت الذي تنص فيه المبادئ العامة للقانون الدولي الإنساني على السماح بتحرك الهيئات الإنسانية والعاملين فيها لضمان وصول الخدمات الإنسانية الضرورية إلى المدنيين في أوقات النزاعات. وفيما تلزم اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين في وقت الحرب لعام 1949 القوة المحتلة بتسهيل تحرك العاملين في المجال الإنساني في الاقليم المحتل. تعرض الكثير من هذه المنظمات، تحديداً تلك التي تقدم الخدمات الإنسانية في الميدان، لقيود، ومنع التحرك، وحتى الاعتداء على موظفيها ومركباتها وتجهيزاتها الأخرى على أيدي جيش الاحتلال الإسرائيلي في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكانت ممثلة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا «أوشا» (نادية افينز) قد صرحت بأنه هناك الكثير من الصعوبات التي تواجه أوشا في تقديم المساعدات عبر حدود الأراضي الفلسطينية، داعية إلى مواصلة إرسال العديد من الرسائل للضغط على إسرائيل لكي تسمح بمرور المساعدات وإدخال الأموال من دون أي عوائق. والجدير ذكره أن اتفاقية جنيف الرابعة تنص على قواعد واضحة فيما يخص المنظمات الدولية، وخدماتها، وواجباتها، وواجبات أطراف النزاع بما في ذلك القوة المحتلة فيما يتعلق بهذه المنظمات. ففي المادة العاشرة، تميز الاتفاقية أنواعاً معينة من المنظمات. وتشير هذه المادة أيضاً بصورة أعم إلى أنه يجب أن تكون تلك الهيئات إنسانية، أي أن يتصل عملها بأوضاع البشر بصرف النظر عن الهوية العسكرية أو السياسية أو غيرها، ولكن لا يشترط أن تكون دولية أو محايدة. وقد تشمل هذه الأنشطة: إرسال وتوزيع الإغاثة (المواد الغذائية، والملابس، والأدوية)، إرسال الطواقم الطبية وغيرها. كما تحدد المادة 30 التزامات أطراف النزاع بتوفير الخدمات والإغاثة للأشخاص المحميين. حيث تفرض الاتفاقية على أطراف النزاع منح جميع التسهيلات لهيئات الإغاثة. ويعني ذلك أنه سيكون من غير الكافي أن يسمح لها فقط بممارسة عملها، بل يجب أيضاً تسهيل وتعزيز مهامها. ومن واجب السلطات المحتلة اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتمكين المنظمات من التحرك بسرعة وفاعلية عندما يطلب منها تقديم المساعدة. ومن بين الإجراءات التي يمكن ذكرها توفير التسهيلات للمندوبين للتحرك وإدارة المراسلات، فضلاً عن حرية الوصول إلى كل الأماكن التي يعيش فيها الأشخاص المحميون، ووسائط النقل، ووسائل توزيع الإغاثة مع ذلك يجب التنويه أنه بصرف النظر عن تواجد خدمات الهيئات الإنسانية، فإن الطرف الرئيسي المسؤول عن رفاه الأشخاص المحميين، بما في ذلك توفير الإغاثة، هو القوة المحتلة، كما تؤكد ذلك بصورة محددة المادة 6 «لا تخلي رسالات الإغاثة بأي حال دولة الاحتلال من المسؤولية التي تفرضها عليها المواد 55 و56 و59». وتنص المادتان 55 و56 من اتفاقية جنيف الرابعة بوضوح على أن من واجب قوة الاحتلال أن تعمل بأقصى ما تسمح به وسائلها على تزويد السكان بالمؤن الغذائية والإمدادات الطبية، بينما تعمل على صيانة النظام الصحي، ويضع هذا المطلب على عاتق قوة الاحتلال التزاماً واضحاً للقيام، إلى حد معقول، بصون الظروف المادية للسكان القابعين تحت الاحتلال. وعلى الرغم من أن العبارة «بأقصى ما تسمح به وسائلها» تأخذ في عين الاعتبار أن الوفاء بهذه الالتزامات قد يكون صعباً، خاصة في سياق عمليات الاقتتال الدائرة، فإن على قوة الاحتلال مع ذلك أن تستغل جميع الوسائل المتاحة لديها. ونظراً للأغراض الإنسانية الكامنة في هذا الالتزام، ينظر إلى البند الذي ينص على أن يقتصر توفير المواد على الغذاء والدواء على أنه صارم للغاية. وبالتالي، فإن المادة 69 من البروتوكول الإضافي الأول الملحق تأتي على ذكر توفير الملبس والفراش والمأوى. |
|