|
البقعة الساخنة ومرده الأساسي أنه يتعاطى مع الفعل الإسرائيلي بصيغة الازدواجية التي شكلت حتى اليوم أحد أركان المشهد الدولي بكل تداعياته، وهو ما يعطي لتلك المعادلة بعدا أكثر خطورة من سائر المعادلات الأخرى القائمة. فإسرائيل التي ما برحت تتحضر لأشكال مختلفة من الحرب وتتنوع بتنوع الجبهات المحتملة، نجد أصواتاً تكاد أن تبرر لتلك الحرب مسبقا وتكاد أن تحضر الذرائع وكأن إسرائيل تحتاج للذريعة !! بهذا الزوغان في الصورة تتقدم طبول الحرب معلنة أن ما مر لم يكن أكثر من استحضار وتحضير لأدواتها وقد يكون لذرائعها، وفيما المساعي الأميركية للسلام تنشط نجد الحديث الإسرائيلي عن الحرب هو المقابل الذي يحضر في مواقف لم تعد تخفي هويتها ولا اتجاهها ولا النسق الذي تمثله في الذهنية الإسرائيلية التي ما برحت تعلن عن نفسها هي الأخرى وهويتها القائمة على العدوان. ولعل التوقيت في الظهور العلني لحديث الإسرائيليين عن الحرب لا يخلو من الدلالة حيث غياب الثقة بالبدائل الأخرى بما فيها التفاؤل الأميركي وجولة ميتشل التي تأتي كسياق ذاتي لحملة علاقات عامة أكثر مما هي جهد جاد لإنقاذ عملية السلام، خصوصا بعد البرودة اللافتة التي لقيها في إسرائيل، والردود الفاترة على الكثير مما طرحه. حلبة السباق المعتادة بين السلام والحرب تستدرج الكثير من الصيغ السياسية، لكنها في الشكل الذي يروج لها تكاد تجزم بما اختمر في الرؤوس الحامية التي تدير الكيان الإسرائيلي، وهي تمارس دورا تخريبيا لتقوض الجهود الدولية حتى إن وزير خارجية النرويج واجه الحقيقة وأعلنها صراحة بأن إسرائيل لا تريد السلام. قول يوافقه عليه العالم سرا ويتواطأ في إشهاره إلى العلن، وهو التواطؤ الذي كان وما زال واحداً من معضلات التعاطي مع الصراع القائم في المنطقة، مثلما أن حله يشكل التحدي الذي يواجه أي راغب في العالم كله، بالعمل على إشاعة السلام، وليس للاتحاد الأوروبي فحسب كما رآه وزير خارجية اسبانيا وهو المطلع على تفاصيل هذا الصراع ومتاهاته. تحد يتنافر فيه السباق المحموم، تتحرك فيه الهواجس والمخاوف التي لا تكفي لدرء ما يحاك، ولا لوقف شهية العدوان التي تتصاعد. |
|