تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نعوم تشومسكي: العالم في وادٍ والنخب الغربية في آخر!

شؤون سياسية
الثلاثاء 26-1-2010
أحمد برغل

تتجاهل وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى بشكل متعمد مدى التشابه بين الرئيس الحالي باراك أوباما وسلفه جورج بوش (الابن) فهو يطالب بتصعيد الحرب في أفغانستان ويشن حرباً على باكستان تحت ذريعة محاربة الإرهاب وتنظيم القاعدة.

صحيفة «دير شبيغل» الألمانية أبدت امتعاضها من خطاب الرئيس أوباما نهاية العام الماضي قائلة: «لم يسبق أن احتوى أي من خطابات أوباما السابقة على مثل هذا القدر من الزيف مثلما كان خطابه الأخير في «ويست بونيت» الذي أعلن فيه استراتيجية الولايات المتحدة في أفغانستان».‏

أنصار اليمين الذين كانوا يتهمون الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأنه لا يتحدث بلغة الحرب كانوا على خطأ فالرئيس ومساعدوه رددوا مراراً وتكراراً أنهم في «حالة حرب».‏

يقول المحامي والصحفي الأمريكي «غلين غرينوالد»: لكوننا في حرب ليس ضد العراق وأفغانستان وحسب وإنما ضد المتطرفين الإسلاميين يعد سياسة يتفق عليها الحزبان الديمقراطي والجمهوري على حد سواء.‏

وها نحن نقرع طبول شكل من أشكال الحرب في دول إسلامية أفغانستان وباكستان والعراق واليمن كما أننا نهدد إيران بعقوبات «تشلها» مع الاحتفاظ بحق شن الحرب كل ذلك ونحن نواصل «تفانينا المطلق» لقضايا إسرائيل.‏

يضيف «غلين غرينوالد» قائلاً: لا يوجد شك أن دعم الولايات المتحدة «الأمين» لإسرائيل في مختلف الحروب التي شنتها على جاراتها الدول الإسلامية كان سبباً أو أحد أسباب الإرهاب الموجه ضد الأمريكيين من غير العقلاني أن تعتقد أن بامكانك أن تقضي عقداً كاملاً وأنت تصرخ «نحن في حالة حرب» وأن ترسل القنابل والجنود وكل أشكال الموت إلى دول إسلامية عديدة إما بشكل مباشر وإما عبر إسرائيل وألا نتوقع رداً.‏

ويرى غرينوالد أن الولايات المتحدة لا تهاجم إلا الدول التي تفتقر إلى القدرة على الرد على أراضيها ونتيجة ذلك بتنا نؤمن بأن أي شكل من أشكال العنف الذي نمارسه عليهم في أراضيهم «مبرر وطبيعي».‏

لقد خيب باراك أوباما الكثير في الداخل والخارج بتراجعه عن عقد مصالحة مع العالمين العربي والإسلامي واصراره على التدخل في الشؤون الداخلية في هذين العالمين.‏

تحت عنوان «أوباما.. خيبة الأمل» كتب البروفسور ريتشارد دبليو-بيهان على النفط والحياة البرية والبيئة الأمريكي يقول: وفرت أحداث الحادي عشر من أيلول 2001 لإدارة بوش فرصة رائعة لافتعال الحرب وتبرير الغزو العسكري بحجة الحرب على الإرهاب ثم جاء دور أوباما ليكرر قائلاً: «نحن لا نسعى لاحتلال بلدان أخرى ولن نطالب بثروات أمم أخرى».‏

بيد أن حروب بوش المبيتة كانت مصممة تماماً لتحقيق هذه الأشياء وقد نجحت في ذلك.‏

ونحن الآن نعلم بأمر مذكرة مجلس الأمن القومي التي صدرت في شباط 2001 وقد ورد فيها مايلي: «تصرفات وأفعال تتعلق بالاستحواذ على حقول النفط والغاز موجود بالفعل أو جديدة بالعراق.‏

ومن هنا واستناداً إلى أقوال ريتشارد دبليو- بيهان فإن أوباما يغالط الحقيقة بادعائه أن الحرب الأفغانية كانت رداً عقابياً على تنظيم القاعدة لأنها دبرت عملية 11 أيلول 2001 وهي نفس الادعاءات التي كان جورج بوش يرددها ويصر عليها.‏

فالتعهدات بغزو احتلال العراق وأفغانستان من قبل إدارة بوش تمت بعد أسابيع قليلة من تسلمه السلطة وهذا يعني أن إدارة بوش التزمت غزو العراق وأفغانستان قبل عدة أشهر من أحداث الحادي عشر من أيلول ومن هنا أيضاً فإن الرئيس الأمريكي باراك يدعي أن بلاده لا تسعى ولا تطالب بثروات وموارد أمم أخرى.‏

وما حاول أوباما اخفاءه فضحته «صحيفة نيويورك لا تايمز» وبينت أن الأهداف الحقيقية للحروب الأمريكية يقف وراءها النفط حيث استولت الشركات الكبرى عن احتياطات العراق.‏

وحسب الكاتب ريتشارد دبليو بيهان فإن الولايات المتحدة مزقت النسيج الاجتماعي الثقافي والسياسي والاقتصادي في العراق لمصلحة «إكسوموبيل بتروليوم» و «رويال وتش شل» و «اكسيد نتال بتروليوم».‏

يقول المفكر والفيلسوف الأمريكي البروفيسور نعوتشومسكي: إن الكارثة المقبلة المقبلة قد تكون إيران لأن أميركا صعدت أزمتها مع طهران بالطريقة نفسها التي تعاملت بها مع العراق ستحدث مصائب تجعل ما حدث في العراق أشبه بحفلة شاي مقارنة مع ما حدث في إيران.‏

ومن هنا وبغض النظر عن لون بشرته فإن أي رئيس أمريكي ديمقراطياً كان أم جمهورياً لن يشذ عن أسلافه وسيبقى دائماً إلى جانب «إسرائيل» والعمل على ضمان أمنها وتفوقها عسكرياً وتكنولوجياً على العرب أجمعين ويبرر جرائمها تحت ذريعة حقها في الدفاع عن النفس ويرفض أي موقف ضدها في أي هيئة دولية، ويعمل على اختلاق عدو وهمي لتبرير هيمنته العسكرية والسياسية على العالم لتأمين مصالحه العدوانية والتوسعية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية