تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الهدف خليج عدن والقرن الإفريقي.. والذريعة الإرهاب

شؤون سياسية
الأربعاء 20-1-2010
محمد أحمد محمد*

أثبتت الحقائق أن الولايات المتحدة الأمريكية هي وحدها من تعمل على إنتاج الإرهاب وتقوم بتربيته وتغذيته في بلاد العالم الإسلامي، وذلك بسياساتها الخرقاء من دعم مطلق لإسرائيل وتعاملها مع العالم الإسلامي والعربي بسياسة الكيل بمكيالين.

والجديد أن أمريكا الآن بدأت تضع عيونها على اليمن، واليمن لا يحتاج للمزيد من الحرب والقتل بقدر ما يحتاج إلى سلام وتصالح في جنوبه الذي يدعم الانفصال مرة أخرى لضعف واضعاف الدولة ويحتاج إلى سلام مع مجموعة الحوثيين، لأن حربهم لا تخدم الدولة ولا نسيجها الاجتماعي، ولو كانت أمريكا حريصة على مصالح اليمن، فلتساعده على حل الإشكاليات التي تقعد به عن ركب التطور الحضاري الإنساني، لكن أمريكا تفعل كل هذا وترسل خبراء للتنسيق المعلوماتي والعملياتي ضد القاعدة توهما ثم قتل أعداد كبيرة من المدنيين في الغارات الاستباقية في محافظات أب ومأرب وشبونه، ما يزيد عمليات الكراهية ضد أمريكا خصوصاً وضد الغرب عموماً، وأمريكا في الصومال بعد الهزيمة السابقة التي تلت سقوط نظام بري، ثم سقوط الدولة الصومالية وانتشار الفوضى لكثرة الهرج والمرج وتحكم البندقية في الحياة اليومية للشعب الصومالي.. ومعروف أن الجماعات التي لا تعير أي اهتمام للقانون تجد مرتعها في البلدان التي لا تتمتع بسلطة مركزية، وهذا شأن شائع ومعروف لدى كل متابع، بعد أن تجمع شباب ورجال من أبناء الصومال وكونوا ما يعرف باتحاد المحاكم الإسلامية الصومالية، ووجد ترحيباً كبيراً من شعب الصومال، وتحركوا بصدق وتجرد وطردوا المفسدين من أمراء الحرب وعصاباتهم، ونعم البلد بنوع من الأمن، وأصبحت المدن تناديهم للانضمام إليها واللحاق بركبها. فماذا كانت أمريكا فاعلة؟ فالتصرف الطبيعي كان يجب علىأمريكا أن ترحب بهذا التطور وتسانده وتدعو العالم للاعتراف به ومساندته، لضمان المساهمة في استقرار منطقة القرن الإفريقي، لأنها منطقة مهمة دولياً وإقليمياً، لكن الذي فعلته أمريكا كان عكس ذلك تماماً، أولاً رفضت الاعتراف بحكومة المحاكم الإسلامية التي يقودها الرئيس شيخ شريف شيخ أحمد، بل ووجهت اتهامات لبعض رموز الاتحاد وجعلتهم مطلوبين في قضايا إرهابية لقطع الطريق أمام أي تعامل دولي مع حكومة المحاكم والاعتراف بها بحجة أن هذه الحكومة تؤوي الإرهاب، وظلت أمريكا تتمسك بحكومة عبد الله يوسف التي لا سلطة لها على الأرض سوى مدينة بيدوا وعندما أدركت أمريكا أن حكومة يوسف لا تقوى أمام المحاكم ولا تتمتع بأي سند شعبي، دفعت بإثيوبيا للاحتلال المباشر للصومال لإسقاط المحاكم الإسلامية، لتصب النار على الزيت وتنتج أكبر كراهية لأمريكا ولأثيوبيا وفي آن واحد لأن المقصود أن تظل الصومال في حالة اللا دولة واللا مجتمع، ليوجدوا عدداً كبيراً من الذين لا يتقيدون بالقانون. والرئيس شيخ شريف شيخ أحمد رفضته أمريكا بسلطة حقيقية نافذة واحترام الشعب الصومالي له جاءت بعميل لا سلطة له ولااحترام ولو كانت أمريكا تريد أن تقضي على ما تسميه الإرهاب لدعمت حكومة المحاكم الإسلامية، وبعد ذلك تطالب الحكومة الصومالية بعدم السماح لأعداء أمريكا أن ينطلقوا من أراضي الصومال. وكل هذه اللعبة ترمي لوجود قواعد أمريكية كبرى في هذه المنطقة الحيوية، وأكبر من ذلك فأمريكا لتعمق وجودها في القرن الإفريقي تدس عملاءها في وسط الجماعات الإسلامية، لا ليجمعوا معلومات عنها فحسب، بل لتحويل خطها من وطني إلى أعداء لأمريكا والغرب، بل تدفع بهم إلى تبني عقيدة أكثر تطرفاً وتبني تكفير المجتمعات، فبعد الغارة اليمنية على محافظة شبونة قامت حركة شباب المجاهدين الصومالية بعرض عسكري كبير، ثم صرحت بأنها سوف ترسل مقاتلين إلى اليمن لمناصرة شباب القاعدة في الحرب على الحكومة اليمنية، وهذا ما تريده أمريكا وبريطانيا، لذلك وعلى الفور قال رئيس الوزراء البريطاني غولدن براون سندعو لمؤتمر دولي لمحاربة الإرهاب ومساعدة اليمن للخروج من خطر الإرهاب وهم لا يريدون حل الأزمة اليمنية الحقيقية وإنما يريدون أن يصنعوا لليمن مشكلة لا تخرج منها أبداً بالاضافة إلى مشكلاتها العالقة حتى الأن دون بصيص أمل لحلها، كما فعلوا مع باكستان وورطوها في حرب مع شعبها ولا يدري أحد متى وكيف ستنتهي.‏

وكلما تشرق شمس يوم جديد فهناك المزيد من القتل والمزيد من الحريق والمزيد من الدمار لأن المطلوب أن يظل كل العالم الإسلامي ملتهباً لتجد الولايات المتحدة دائماً مبرراً لوجودها وتدخلها في شأن العالم الإسلامي، ورسم سياساته بما يخدم مصالح اليهود ونفس الذي فعلته مع حركة الشباب المجاهدين في الصومال فعلته مع جماعة بوكي حرام في نيجيريا، فالحركة كانت تعمل في المجتمع النيجيري بكل لطف ورحمة وتقدم لهم المساعدات وتبني المستشفيات والمدارس وخطها معارضة التعليم الغربي للمسلمين في نيجيريا وهذا من حقها كما أنها تنفذ ذلك بطرق سلمية، فأدخلت عليهم أميركا عملاءها وعناصرها ليغيروا طريقها وأسلوبها، وكان لهم ما أرادوا فأعلنت الحركة انضمامها للقاعدة دون أي مقدمات ولا دواع ولا مصالح، ثم تبنت مهاجمة الدولة ومؤسساتها ما أدى إلى القضاء على الجماعة شبه الكامل في أبشع صور القتل وانتهاك حقوق الإنسان لكن مع كل ذلك من حقيقة ومن زيف تبقى الكراهية للأمريكان والغرب منتج أمريكي وبامتياز.‏

 كاتب وصحفي سوداني‏

mhmmd lqtlo@qahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية