تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الطريق الإسرائيلي المسدود... إلى السلام!

شؤون سياسية
الأربعاء 20-1-2010
محمد عبد الكريم مصطفى

ليس خطأ أن يهلل العرب ويتوسموا خيراً من سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه قضاياهم المصيرية فحسب، ولكن عليهم أولاً وقبل كل شيء لم الشمل العربي واتخاذ الموقف الموحد مما يجري في أروقة السياسة الدولية

قبل الدخول في أي محاولة جديدة لدفع عملية السلام في المنطقة التي توقفت طويلاً بسبب انحياز الإدارة الأمريكية لإسرائيل وتجاهلها الدائم للمطالب والمبادرات العربية المبنية على أسس موضوعية مستمدة من القرارات الدولية ذات الصلة، في حين كانت الإدارات الأمريكية السابقة تسعى من خلال الضغوط التي تمارسها على الجانب العربي لتحويل الخطط وخرائط الطريق إلى هدف أكثر من عملية السلام ذاتها لتمرير المزيد من الوقت وإفساح المجال أمام الحكومات الصهيونية للقيام بتنفيذ مخططاتها العدوانية، وبعد تولي الإدارة الأمريكية الجديدة مهامها وتعيين جورج ميتشل مبعوثاً خاصاً لها إلى الشرق الأوسط ازداد التفاؤل ورحب العرب بالقرار الأمريكي وفرشوا السجاد الأحمر للموفد الجديد لما يتمتع به السيد ميتشل من حكمة سياسية وقدرات عالية في المناورة والإقناع كما ظهر في قضية إيرلندا وبعد أن أجرى «ميتشل» جولاته المكوكية واطلع على التفاصيل واستمع لوجهات النظر عند كل طرف عاد إلى الولايات المتحدة وهو يحمل قناعة واحدة بأن السلام بين العرب وإسرائيل صعب للغاية إن لم يكن تحقيقه مستحيلاً وضرباً من الخيال نظراً لغياب الإرادة الصادقة عند الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي ترفض الالتزام بأسس ومتطلبات السلام التي بني عليها مؤتمر مدريد وأقرتها المبادرة العربية للسلام في مؤتمر بيروت، وهي تعتمد على مبدأ الأرض مقابل السلام وكانت قد رفضتها إسرائيل جملة وتفصيلاً، من هنا يمكن القول: إن طريق السلام في منطقة الشرق الأوسط مسدود ليس لأن العرب لا يريدون السلام بل لأن الشريك الإسرائيلي المحتمل غير موجود وإن قدمت إسرائيل بعض الوعود بخصوص تجميد مؤقت للاستيطان في مناورة تكتيكية ولاسيما أن العقلية الإسرائيلية مبنية أساساً على مفهوم الاحتلال واغتصاب أراضي الآخرين والتوسع على حساب دول الجوار وفي ظل وجود حكومة يمينية متطرفة تتمسك بهذه المفاهيم لا يمكن أن تؤدي سياساتها إلى تحقيق السلام متذرعة بأن الشعب الإسرائيلي غير مؤهل ذاتياً لقبول مثل هذا السلام، وما قرار الحكومة الإسرائيلية الأخير حول الاستفتاء الشعبي عن قبول الانسحاب من أية أرض محتلة سوى مراوغة مكشوفة النوايا والأهداف والسؤال الذي يفرض نفسه بعد مرور عام على استلام إدارة الرئيس «أوباما» السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية هو: هل الهدف الأساسي من زيارة ميتشل وهو محمّل بخطة الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» الجديدة هو حقيقة من أجل الوصول إلى السلام العادل والشامل في المنطقة أم إن الزيارة تهدف لمجرد تحريك عملية السلام تكتيكياً وإعادة الكرة إلى الملعب الأمريكي بعد أن فقد الدور الأمريكي بريقه وظهر الدور التركي الفاعل الذي أثبت مصداقية كبيرة في إدارة العملية التفاوضية غير المباشرة بين سورية وإسرائيل ولجم أي تحرك أوروبي مرتقب؟ أم أن وصفة المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط كانت ناقصة وقد اكتملت الآن؟‏

لا نشكك هنا بمصداقية الدور الأمريكي المرتقب لكن الأحداث التي شاهدناها في الماضي كانت كافية لإعطاء صورة واضحة عن حدود السماحة التي يتحرك ضمنها الموفد الأمريكي وقد لا تكون النتائج مفاجئة للعرب وخاصة في سورية لأن السياسة الإسرائيلية أصبحت مكشوفة للقاصي والداني بأن دورها إجهاض أية محاولة جادة لتحريك عملية السلام في المنطقة وقد ولد الزمن قناعة لدى الطرف العربي بأن الشريك الإسرائيلي في عملية السلام سيبقى غائباً طالما أن المجتمع الدولي مستمر في صمته المريب على أعمال إسرائيل العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني ولاسيما أن قضية الشعب الفلسطيني هي أساس المشكلة بين العرب وإسرائيل وأن أي سلام يتجاهل حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وحصوله على حقوقه المشروعة في بناء دولته المستقلة على الأراضي المحتلة بعد الرابع من حزيران 1967 بما فيها القدس المحتلة يبقى سلاماً ناقصاً ولن يكتب له النجاح.‏

Email:m.a.mustafa@mail

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية