تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الصراع العربي- الإسرائيلي.. معادلة الحل الغائبة

موقع GULF NEWS
ترجمة
الأربعاء 20-1-2010
ترجمة: حكمت فاكه

وفقاً للأنباء التي رشحت عن زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي أخيراً إلى القاهرة، اقترح نتنياهو أن تستضيف مصر لقاء قمة يعقد بينه وبين محمود عباس الذي يقال إنه ينتظر هكذا لقاء.

والسؤال المطروح: ما الهدف من هذا الاقتراح؟ هل هو بداية لمفاوضات اسرائيلية فلسطينية جادة وحقيقية؟ وإذا ما تم تحليل موقف نتنياهو هذا يتبين لنا أن هناك هدفين يقفان وراء هذا الاقتراح أولها عزل واضعاف حركة حماس المكروهة من قبل اسرائيل ولعل الهدف الثاني الذي يكمن وراء اقتراح نتنياهو هو سرقة الأضواء من جورج ميتشل المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، والذي يحاول منذ فترة تشجيع الاسرائيليين والفلسطينيين على مواصلة المفاوضات التي انقطعت بينهما وبالتأكيد فإن نتنياهو لا يريد مفاوضات جدية، وهذا يبدو جلياً من خلال مواصلة سياسته الاستفزازية في بناء المستوطنات اضافة إلى ذلك، فإن الفجوة بين آرائه بخصوص المفاوضات وآراء الفلسطينيين كبيرة جداً لدرجة لا تسمح بأي فرصة لاجراء محادثات جدية بين الطرفين، والتي هي مباحثات عبثية وأكثر ما تخشاه اسرائيل، هو التدخل الدولي لحل الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني، فهي تعرف جيداً أن هناك اجماعاً قد تبلور بين أمريكا وروسيا والاتحاد الأوروبي على حل الدولتين.‏

إن اسرائيل تسعى من خلال اقتراح رئيس وزرائها لاستباق أي محاولة من جانب اللاعبين الدوليين لوضع اطار للمفاوضات، أو دعوة الأطراف المعنية لمؤتمر دولي، وهدف نتنياهو من ذلك هو فرض شروطه على الفلسطينيين المهزومين من خلال مباحثات ثنائية تقتصر على الجانبين فقط ومن دون وسيط.‏

هذه المحاولة هي الثالثة من جانب نتنياهو لعقد اجتماع قمة مع عباس. وقد تم الكشف عن الطموحات الاسرائيلية المتعلقة بذلك من قبل في مؤتمر نظمته روسيا في أحد فنادق الأردن الفخمة المطلة على البحر الميت، وكان الهدف من هذا المؤتمر الذي نظمته وكالة نوفوستي الروسية للأنباء بالتعاون مع المجلس الروسي للسياسات الخارجية والدفاعية، هو ابراز طموح للعب دور أكبر في الشرق الأوسط.‏

كان من بين النجوم البارزة في هذا المؤتمر من الجانب الروسي، رئيس الوزراء الروسي السابق- يفغيني بريماكوف- والمحلل السياسي المعروف والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط- الكسندر سلطانوف- ولعل أبرز أحداث المؤتمر ذلك الصدام الذي وقع بين الروس من جانب وبين بعض أعضاء الوفد الاسرائيلي من المتشددين. وعبر بريماكوف في المؤتمر عن اعتقاده بأن الموقف المتأزم في الشرق الأوسط يعود إلى سلبية اللجنة الرباعية المؤلفة من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وعدم اهتمامهم بالانقسامات القائمة بين الفلسطينيين وإلى امتناع أوباما عن الضغط على اسرائيل ورغبة الاسرائيليين في المحافظة على الوضع القائم أمر لم يعد ممكناً احتماله.‏

وقال بريماكوف: من الصعب البدء بمحادثات جديدة ما لم يحصل تحول جذري في الموقف الأمريكي وتساءل عن السبب الذي يدعو أمريكا إلى الضغط على الرئيس الأفغاني للتفاوض مع طالبان في الوقت الذي تمنع فيه اجراء محادثات أو أي اتصالات مع حماس؟!‏

ويقوم الحل الذي اقترحه بريماكوف على تجميد المستوطنات الاسرائيلية تجميداً كاملاً شريطة أن يكون ذلك مدعوماً وبشكل قوي من الجانب الأمريكي ومن جانب الرباعية بعد اعادة تفعيل دورها، بحيث يضطلع الطرفان في اطار هذا الدور بصياغة وثيقة اطارية لحل الصراع على أساس الاجماع الدولي. وقال سلطانوف: إن الصراع العربي الاسرائيلي هو السبب الجوهري الذي يؤدي إلى عدم الاستقرار المزمن في منطقة الشرق الأوسط.‏

واتهم المشاركون الاسرائيليون بريماكوف وسلطانوف بأنهما يحاولان تسويق أفكار سوفييتية عفا عليها الزمن، وادعوا بأنه ليست هناك صلة مباشرة بين الصراع العربي - الاسرائيلي وبين الكثير من الصراعات المحتدمة في المنطقة مثل أفغانستان وباكستان واليمن والسودان، وشكك المشاركون الاسرائيليون أيضاً بقدرة الأمم المتحدة، وليس لدى اسرائيل أي ثقة في قدرة القوات الدولية على حمايتها وأنها لا تريد أي طرف ثالث بالتدخل، وأن جميع الاتفاقيات التي وقعتها اسرائيل مع العرب سابقاً تمت من خلال المباحثات الثنائية، ولعل أكثر شيء أثار غضب الاسرائيليين المشاركين هو قول بريماكوف إن روسيا لا تمتلك دليلاً على أن ايران قد اتخذت القرار السياسي بتصنيع سلاح نووي، وأصر الاسرائيليون على أن ايران يجب ألا تكون اطلاقاً دولة قوية قادرة نووياً لأنها على استعداد للتضحية بالملايين من سكانها في سبيل تدمير اسرائيل. وكان الدرس الأكثر أهمية في ذلك المؤتمر هو أن اسرائيل العنيدة والعدوانية بعيدة عن قبول أي معادلة قد يتخيلها العالم لايجاد حل لقضية الصراع العربي - الاسرائيلي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية