تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المؤتمر الدولي حول اليمن ...مكافحة الإرهاب بالسياسة لا بالقوة

موقع: egalite et reconciliation
ترجمة
الأربعاء 20-1-2010
ترجمة: دلال ابراهيم

عتأخذ حرب الرئيس باراك أوباما ضد القاعدة أبعاداً خطيرة بدأت في أفغانستان وامتدت في البداية نحو المناطق القبلية في الباكستان ،

ومن ثم انتقلت إلى اليمن والصومال كما نشهد حالياً إلى حين تنفيذ بعض الهجمات في منطقة شمال الصحراء الكبرى الإفريقية، وتتقاسم هذه المناطق صفات مشتركة فهي أراضٍ إسلامية قبلية وفقيرة ، ورغم امتلاك القوات الغربية لأسلحة متطورة لكنها مربكة، ثبت عدم تفوقها في مواجهة المقاتلين القبليين، المزودين بأسلحة خفيفة، والمندسين بين صفوف المدنيين.‏

ووفقاً لما تكشف محاولة النيجري عبد المطلب في تفجير طائرة أميركية ، فإن القاعدة تشكل تهديداً على الولايات المتحدة باستمرار ومن المنطقي رداً على ذلك، شن حرب ضد المتطرفين، وهذا ما يفرضه الرأي العام على الرئيس باراك أوباما وكذلك يفرضه واجبه كرئيس للجيش.‏

ولكن من السهل قول ذلك أكثر من فعله ويرى العديد من الخبراء أن استراتيجية تنظيم القاعدة تستند على قاعدة تحريض الغرب ضد الدول الإسلامية من خلال القيام بأعمال ارهابية ضدهم لجرهم إلى حروب لا يمكن أن يكسبوها وإن كان هذا التحليل قد لامس الصواب فإنه يمكن اعتبار أحداث /11/ أيلول بمثابة شرك كبير، وهو الأكبر لأنه دفع الولايات المتحدة لغزو أفغانستان ومن ثم العراق، وقد كلفتها هذه الحروب ثمناً باهظاً مادياً، وبشرياً، وأفضت بالولايات المتحدة إلى أزمة مالية وأخلاقية ، وبدلاً من إضعاف وعزل القاعدة كانت تزيد كل غارة تستهدف قرية من مشاعر العداء لأمريكا، وتحث على انضمام مقاتلين جدد إلى هذا التنظيم ، ولاسيما حين تكون الضحايا من صفوف المدنيين، وهم في أغلب الأحيان كانوا الضحايا.‏

وضمن هذا السياق، يحق لنا أن نتساءل فيما إن كان استخدام القوة هو الوسيلة الأنجع لإحراز النصر على عدد خطير وإن كانت فرص النصر تمر عبر نشر المزيد من القوات الإضافية في أفغانستان وعبر قيام القوات الخاصة الأميركية بعمليات حربية، أو عبر إطلاق الصواريخ، أليس من الأجدى والأفضل اللجوء إلى وسائل أخرى سواء اقتصادية أو سياسية ، لعزل وتحييد عناصر القاعدة حيث أعدادهم تقدر وفقاً للخبراء والمراقبين ببضع مئات وفي ازدياد دائم.‏

وثمة عاملان يلعبان دور المحرض في تلك الأنواع من الحروب ويسهمان في نزوع الشخص للانضمام إلى التطرف : العامل الأول: هو القناعة بوجوب الدفاع عن الإسلام ضد المعتدي والعامل الثاني: هو الخضوع لعرف قبلي، الذي يحتم عليهم من ضمن أعراف أخرى الانتقام من أي هجوم خارجي والتقاليد في دول مثل أفغانستان والباكستان واليمن والصومال تبقى راسخة جداً، والإخلاص للقبيلة أو العشيرة يعلو فوق المشاعر الوطنية وإن البحث في فرض نموذج مجتمع غربي بقوة السلاح محكوم عليه بالفشل.‏

وكان وزير خارجية اليمن أبو بكر القربي قد أكد عبر قناة الجزيرة بكل صراحة أن بلاده لا تريد تدخلاً خارجياً، وإنما هي بحاجة إلى مساعدات اقتصادية وتجهيزات عسكرية، وسوف تعمل الضربات الجوية الأميركية على زعزعة وفقدان الحكومة اليمنية لمصداقيتها ، وتبدو كتابع يسير خلف واشنطن وهذا ما جرى مع الباكستان .‏

وحسب تحليل جورج جونسون، المختص في الشؤون اليمنية لدى جامعة برنيستون الأميركية ( ينبغي أن تأتي الضربات العسكرية كآخر مرحلة، أي بعد أن يتم عزل القاعدة، وفصلها عن السكان والحط من قيمة خطابها وطروحاتها ، وليس في بداية الطريق، حيث يبدو أعضاؤها دوماًً كأشخاص متدينين يدافعون عن دينهم وعقديتهم وينبه جونسون إلى ضرورة توخي الحذر في اتهام أي مسلم متشدد كعضو في القاعدة .‏

(إن كان ثمة أحد يريد توسيع دائرة الحرب واتخاذ الجميع هدفاً في الحرب، بوضعهم جميعاً في سلة واحدة، سوف نكون أمام حرب لن تنتهي لأننا في تلك الحالة، سنكون مضطرين للقتال ضد أعداد كبيرة في اليمن) ويختتم المحلل جونسون القول: (قبيل الانتقال إلى مرحلة الهجوم، على الولايات المتحدة تحديد المنتمين إلى تنظيم القاعدة بدقة كبيرة، ضمن المعنى الضيق للكلمة).‏

والفكرة الأساسية هي ضرورة أن يترافق مع المقاربة العسكرية تقديم مساعدات للتنمية نظراً لأن الفقر والبطالة والفساد واليأس المستفحل يدفع الشبان إلى حمل السلاح ضد الولايات المتحدة وحلفائها.‏

ومن المزمع عقد مؤتمر دولي في لندن في الثامن والعشرين من الشهر الجاري حول الأوضاع في أفغانستان واليمن ولا ريب أن مسألة مكافحة الارهاب ستحتل قلب المباحثات وربما من الحكمة أكثر إعطاء الأولوية إلى إيجاد مخرج سياسي لتلك الصراعات، وفي الشأن اليمني هناك احتمال كبير أن تؤدي وساطات تقوم بها دول مجاورة ذات نفوذ أو شخصيات اعتبارية مثل الأخضر الابراهيمي وزير خارجية الجزائر الأسبق إلى وقف لإطلاق النار، الأمر الذي يخلق ظروفاً وأجواء مناسبة من أجل تسوية الخلافات .‏

يزداد أوار حرب الرئيس باراك أوباما ضد الارهاب وكل يوم تنجر الولايات المتحدة أكثر نحو مستنقعها وفي أفغانستان كما الحال في اليمن، يحتاج العلاج إلى ترياق سياسي للصدمة، لا إلى احتكاك بالأسلحة، وعلى الرئيس أوباما تغيير صورة بلاده في العالم الإسلامي بسرعة، وألا يبقى ضمن إطار صورة العدو، وإنما صورة الشريك، وهذا ما حاول الوصول إليه قبل عام من الآن حين وصوله إلى السلطة ولكنه ومثل سلفه جورج بوش قد وقع في شرك القاعدة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية