تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المرأة بين الحقوق والواجبات .. بدير: لا تزال القوانين تميّز.. و تحتاج إلى تعديل

مجتمع
الأربعاء 20-1-2010م
متابعة : منال السماك

يسود اعتقاد في المجتمع بأن المرأة حصلت على حقوقها كاملة، بل ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك ليقول بأنها أخذت شيئاً من حقوق الرجل، ومرد ذلك ربما إلى وجودها في مواقع متقدمة في المجتمع.. فهل هذه الصيغ هي الحقيقة،

وهل حقاً أنصفتها القوانين أم أجحفت بحقها، وكيف يمكن لها أن تؤدي أدوارها بنجاح وتثبت وجودها؟‏

تلك أسئلة طرحتها الندوة التي أقامها ثقافي جوبر، وكانت بعنوان« المرأة بين الحقوق والواجبات» علماً أن نفس الندوة قد أقيمت أيضاً في رابطة الاتحاد النسائي في العباسيين، وتضمنت محورين أحدهما قانوني والآخر اجتماعي، حاضر فيها كل من المحامية فوزية بدير، والباحث الاجتماعي زهير خليل.‏

قوانين بحاجةللتعديل‏

وقد رأت بدير أنه لبناء مجتمع سليم معافى من تلك النظرة المعقدة إلى المرأة لابد من دراسة الحقوق التي تتمتع بها من كافة جوانبها المدنية والشرعية، ومعالجة النواقص فيها واستكمالها، وبخصوص الدستور السوري هناك بعض الثغرات في مواده التي تجحف بحق المرأة، وهذا يتطلب تعديل بعض القوانين الوضعية بما ينسجم مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية لما فيه خير المجتمع من أطفال وزوجات وعاملات، فمثلاً بالنسبة للأمن الوظيفي فقد نص القانون على حق المرأة العاملة بإجازة الأمومة، وكذلك الوكيلة والمؤقتة في القطاع الخاص التي تبلغ خدماتها سبعة أشهر عند الولادة، إذ تضطر للتغيب بموجب إجازات صحية وبأجر قليل، وبذلك تهديد لأمنها الوظيفي.‏

تمييز ضد المرأة‏

وبالرغم من الاصلاحات القانونية التي أجريت على قوانين العمل ، و غطت جوانب مهمة كحماية الدور الإنجابي للنساء العاملات، فإن هذه القوانين مازالت قاصرة عن حماية جوانب أخرى كالحماية من التحرش الجنسي والتمييز في الأجور، وفرص التأهيل المهني والترقي الوظيفي وذلك انسجاماً مع ذات القيم الاجتماعية العامة ، التي ترى النساء استثماراً خاسراً، لأن دورهن الأساسي هو في العمل المنزلي والأسرة، وبالتالي معظم أرباب العمل والاداريين والمشرعين، لا يرحبون بإعطاء النساء فرصاً متساوية، نتيجة الاقتناع بعدم ديمومة عملهن، إذ إنهن سرعان ما يتركن العمل لتلبية متطلبات الحياة الأسرية.‏

وأشارت بدير إلى نسبة مشاركة المرأة السورية في سوق العمل، فحسب الاحصاءات الرسمية تبلغ 92٪ ،ونظراً لكون سورية بلداً زراعياً ويعتمد بالأساس على المرأة، فإن عملها هنا غير مأجورغالباً، وفي التطبيق العملي نجد أن المرأة تشغل أعمالاً مكتبية فقط، ما يحرمهامن بعض التعويضات، كالتعويض العائلي وتعويض طبيعة العمل والاختصاص الفني.‏

وعلى الرغم من المناخ الايجابي لا يزال هناك بعض المواد التمييزية ضد المرأة في بعض القوانين المتعلقة بالأسرة والحياة الخاصة للمرأة، مثل قانون الجنسية وقانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات، ولذلك فنحن أصبحنا بحاجة لمواد قانونية تشمل جميع الاجتهادات، وتغطي حاجات العصر الجديدة المتطورة يوماً بعد يوم.‏

تنمية شخصيتها لتعي حقوقها‏

وبعد الحديث عن الحقوق والمطالبة بها لإحقاق الحق بين قطبي الجنس البشري المرأة والرجل، لابد من التطرق للعوامل الفاعلة في بناء شخصية المرأة لتستطيع أن تؤدي دورها وواجبها في المجتمع، وهنا فقد رأى خليل أن الإشكالية بين الحقوق والواجبات لا تقتصر على وضع المرأة، وإنما هي إشكالية عامة في المجتمعات الاستهلاكية السكونية التقليدية،والتي قد يلعب الموروث الثقافي دوراً في صنعها وتضخم المطالبة بالحقوق وإغفال أوتهميش أو التخلي عن الواجبات، وعلى اعتبار أن المرأة هي جزء من هذا المجتمع الاستهلاكي، فهي في هذا السياق دائماً تشكومن المظالم،وبالمقابل الرجل يشكو أيضاً، لشعور كل منهما أنه منزه عن الخطأ،ودائماً يتهم الآخرين أنهم هم الذين ينتهكون حقوقه أو يقصرون في أداء واجبهم تجاهه.‏

ويرى خليل أنه لابد من تنمية شخصية المرأة لتأخذ دورها الفعلي ويستطيع أن تدرك وتعي حقوقها وتطالب بها، إلى جانب قيامها بواجباتها المطلوبة منها، لذلك عليها أن تقرأ بموضوعية ذاتها ومحيطها، وذلك بعد أن تتصالح مع نفسها لتحقق التوازن النفسي، وعليها الابتعاد عن الفوقية والدونية، والتحرر من التعصب للذات، وأن تحقق التوازن العاطفي والانفعالي وتنمي البعد الانساني، وكذلك القدرة على تحقيق التوازن بين الأدوار كمربية وزوجة وعاملة، وأن تكون مؤهلة لإدارة شؤون المنزل، وألا تهمل اهتماماتها ومشاركتها بالشأن العام، إلى جانب التسلح بالوعي الصحي والتربوي والثقافي والاجتماعي، وقادرة على استثمار الزمن وجدولته وإدارة الأزمات، وتتمتع بقدر من ثقافة ترشيدالاستهلاك وثقافة العمل وأهميته، والابتعاد عن التصنع والتقليد الأعمى وأن تستطيع تكوين هوية متميزة خاصة بها، وتتقبل النقد وتقوم بالتقويم الدائم لمراجعة أخطائها لتلافيها مستقبلاً، وأن تشبع عقلها بفكر علمي موضوعي بعيداً عن الخرافة والتنجيم والسحر والشعوذة،وأن تنمي ثقافة الحوار والاصغاء واحترام خصوصية الآخرين والرأي الآخر، وأخيراً لابد من الحب والذي يحيا به الانسان ويذلل به العقوبات.‏

وبدوري أقول... ستبقى قضية الحقوق والواجبات بالنسبة للمرأة قضية شائكة تشغل بالها، وتناضل من أجلها، لأنها ورغم ما وصلت إليه ما زالت مضطهدة قانونياً واجتماعياً،وإن وجدناها في مراكز مرموقة، فذلك لذر الرماد في العيون وادعاء التطور والتحضر، وفي الحقيقة وجودها هذا قد كلفها الكثير من العناء والمشاق، وباختصار... ما زالت ضحية...‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية