|
عن: موندياليزاسيون
في عام 2017 إلى 21219 مليار دولار بينما بلغ في الولايات المتحدة 17762 بين أعوام 1998 و2015 ,وهذا الإنتاج ارتفع بالنسبة للفرد في الصين من 194 دولارا إلى 9174 دولارا. زد على ذلك أن هذا الصعود القوي للصين وأنموذج التطور الرأسمالي بطابعه الوطني زعزع الثقة بنظم التبادل الحر وأرغمت العالم كله على إعادة النظر بالترتيب الجيوسياسي الذي أسسته الولايات المتحدة عقب الخروج من الحرب العالمية الثانية، ما اضطر ترامب إلى مهاجمة الصين ,البلد الذي اتضح أن ميزان الولايات المتحدة التجاري هو الأكثر عجزاً مقارنة معه بنسبة 380 مليار دولار سنوياً .وقد اتهم الصين بمخالفة قواعد منظمة التجارة العالمية، وألقى باللوم على المنظمة لعدم إجبار الصين على فتح أسواقها أمام منتجات وخدمات الولايات المتحدة. ففي كانون الأول من عام 2018 أي بعد عام من اعتلائه السلطة في الولايات المتحدة بدأ ترامب حربه التي أظهر من خلالها أكبر مواجهة في القرن الواحد والعشرين، وفرض في البداية التعريفات الجمركية على اللوحات الإعلانية الشمسية والأجهزة المنزلية التي تستوردها الولايات المتحدة بمئات الملايين من الدولارات، ومن ثم في شهر آذار أصدر مرسوماً وضع فيه تعريفات على مادة الألمنيوم 25 بالمئة ومادة الفولاذ 10 بالمئة، فردت الصين بدورها من خلال وضع تعريفات على المنتجات الزراعية، أعقبها تصعيد مجحف لكلا الطرفين ما اضطرهما إلى اللجوء إلى التفاوض، لكن المفاوضات لم تفض إلى شيء لأن ترامب يريد ليّ الذراع الصينية لإضعافها ووقف تقدمها إلا أن التنين لن يتراجع. وفي هذه الحرب وقف الشعب الصيني خلف قيادته.. لماذا؟ لأن هذه الحرب بدت للصينيين كعودة إلى حرب الأفيون المقيتة، وإذا كان الغربيون قد تناسوا أو قللوا من شأن هذا الصراع الذي أركع الصين، إلا أن هذه الحرب لا تزال حاضرة في ذاكرة الشعب الصيني. فالصين ترى في نفسها قلب العالم... فهي من ابتكرت الحرير والخزف والطباعة والبوصلة .. والشاي، ولكي تحصل أوروبا المتأخرة تكنولوجياً على هذه المنتجات الفاخرة كان عليها فتح ممر بري طويل هو طريق الحرير. في مطلع القرن الثامن عشر استوردت بريطانيا كمية كبيرة من الشاي والخزف والحرير ودفعت ثمنها سبائك فضية وذهبية ولم تقبل الصين أي عملات أخرى، لكن عندما أراد الانكليز بيعها بعض السلع لترجح ميزانها التجاري اعتذر الصينيون بالقول: «لسنا بحاجة إلى أي شيء». ضاق التجار البريطانيون ذرعاً في محاولة منهم لاختراق هذه السوق الضخمة مئة فقرروا دخولها عبر التهريب ونظموا شبكة واسعة من المهربين، وكان المنتج في هذه التجارة غير المشروعة الذي جاء من الهند المستعمرة البريطانية المجاورة هو: الخشخاش المستخرج من الأفيون. في أعوام 1830 دخلت الصين كميات هائلة من الأفيون نحو 1400000 طن سنوياً، فانتشرت مراكز التحشيش إلى حد أن أثار الأفيون المفسدة للأخلاق طالت العمال ما جعل الاقتصاد أقل إنتاجية. في عام 1839 قرر الامبراطور أن يتدخل فاعتمد هذه المرة وسائل مهمة هي: يمنع منعاً باتاً استيراد واستهلاك الأفيون، مصحوبة بعقوبات صارمة يمكن أن تصل إلى عقوبة الإعدام، وأمر بهدم مراكز التحشيش وحرقها وإلقاء أطنان من الأفيون الموجودة في البلاد إلى البحر. في لندن امتعض أعضاء البرلمان المتواطؤن مع المهربين وأعلنوا أنه يجب محاربة هذا البلد «الذي يضع العراقيل ويرفض نعم التبادل الحر» وعلى الفور توجهت السفن الحربية البريطانية وقصفت الموانئ الصينية، ولم يكن لدى الامبراطور بحرية قادرة على ردها، وفي عام 1841 استولت حامية انكليزية على جزيرة هونغ كونغ. خضع الامبراطور بعد إجباره على التفاوض فوقع في عام 1842 على معاهدة نانكين التي تخلى بموجبها عن جزيرة هونغ كونغ للبريطانيين الذين فتحوا خمسة موانئ للتبادل الحر وحرية دخول الأفيون الذي أغرق البلاد، واستفاد من هذه البوابة التي فتحها الانكليز الولايات المتحدة وفرنسا واثنا عشر من البلدان المخاتلة لالتهام واقتطاع حصتها من الحلوى. إن معاهدة نانكين هي أول المعاهدات المجحفة التي فرضت على الصين ليبدأ بعد ذلك عصر من الإذلال والمهانة وظلت تحت سيطرة القوى الغربية حتى عام 1949 . في عام 1911 الصين الإمبراطورية ,الألفية ,المبدعة تتصدع، وتفتح أمام جشع الغرب طوعاً أو كرهاً في العصر الصناعي، وحتى اليوم مازال الصينيون يطلقون على هذه الفترة الاستعمارية التي استمرت بين 1839 و1949 بـ»قرن الإذلال».وفي الصين عدد من كتّاب التاريخ يقسمون تاريخ البلاد إلى مرحلتين: ليس قبل ماو وبعده كما كان متوقعاً بل قبل وبعد حروب الأفيون. اليوم ما الذي تسعى إليه الصين في عهد اكسياو جيان بينغ؟ هو والقادة الصينيون يتابعون العمل بثلاثة أهداف كبرى :أولها، تريد الصين أن تتخلص نهائياً من التبعية للقوى الخارجية وهيمنتها .لكن كيف؟ بالسيطرة على الشركات التكنولوجية الأكثر تطوراً في جميع المجالات كشركة «هاواوي»، وهي شركة خاصة أصبحت المزود العالمي الأول بالتجهيزات لمؤسسات الهاتف والأنترنت، ما أقلق الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة التي تعتبر أن التكنولوجيا الرقمية المتقدمة هي خط الدفاع الأول في حرب الهيمنة العالمية. ثانياً، تريد الصين استعادة مكانتها وسط عالم المال والأعمال، فخلف الحرب التجارية الدائرة حالياً ترتسم حرب القوة .ثالثاً، تهدف الصين إلى تثبيت هيمنتها الإقليمية على كل جنوب شرق آسيا الممتد من اليابان إلى استراليا مروراً بأندونيسيا ، وليتم ذلك رعت الصين منظمتين كبيرتين هما: الشراكة الاقتصادية الإقليمية العالمية التي تضم 15 بلداً للتبادل الحر، ومنظمة شنغهاي للتعاون والتي تضم ست دول، وهي تحالف سياسي واقتصادي وعسكري أوراسي. لقد تحولت الصين إلى ممثل أساسي للعولمة الاقتصادية وقد بذلت قصارى جهدها لإعادة بناء قواعد الرأسمالية، ولهذا نرى ارتسام علاقة جديدة بين الاقتصاد والسياسة. |
|