|
فنون
تؤكد خطورة اجتماعية، يعمل كل جانب إنساني على البراءة من براثنها ، ولكن ها هي نفس الفكرة العصية على الطرح لحساسيتها وصعوبة ملامستها، تشغل الفيلم الروائي الطويل (يحدث في غيابك) باهتمام متيقن يعلن الكثير من الحقائق، بأنه مهما حاولت المؤامرة أن تنسف حقيقة الانسان السوري والتعايش واختلاف الاطياف ، فهي عاجزة عن ذلك ، فالظروف التي أجبرت الناس على قبول بعض السلوكيات كانت طارئه، والمبادئ غابت تحديدا عند تعمية العقل، والتخلي عن القيم الإنسانية، وبالتالي عندما يستشرى الجهل والفكر الأسود يمكن لأي حالة أن تؤسس للوحشية والعنف والظلم ، فتعم الفوضى ببساطه مطلقه . هنا لابد من أن يكون للمثقف الحقيقي دوره ومسؤوليته، كي يقول كلمة بطريقته، وهو صاحب الرؤية المتنورة الممانعة بامتياز للظلامية، فكان لابد من معالجة هذه الفكرة التي تختبئ وراء الاصبع إن صح القول، وهي تسطع شاهرة بشاعتها، ورغم ذلك يتخوف ويبتعد الجميع عن الاقتراب منها، من هذا المنظور يمكننا القول :إن الفيلم أنجز الكثير ضمن هذا السياق . تصدى فيلم (يحدث في غيابك) لهذه الفكرة بشكل درامي وبجرأة متميزة ، رغم تنحي الكثيرين عن الاقتراب منها، ورغم ضرورة معالجتها كقضية راهنة تم الترويج لها بشكل خطير في بعض الأماكن ، من هنا تأتي أهمية دور المبدع عندما يشير اليها ويضيء على أرضيتها وأبعادها الانسانية والاجتماعية ليخوض في عوالمها وتفاصيلها ، دوافعها وتصاعدها ، إضافة إلى نزاهة الوعي تجاهها وصحوة الضمير، ذلك كله تم تجسيده بالشكل الواقعي والمقنع عبر الفيلم ، حيث استقى معالجته وحالاته ضمن بنية درامية كانت توازي الواقع بامتياز بمعطياتها المختلفة، تشذبه بمفرداتها المثالية وعوالمها النقية، ليكون منجزا قادرا على التصدي لعفونة الفكر البشع، ويقول هذا هو الانسان الحقيقي . إنها عوالم ومحاور تشابكت وتطورت وتفاعلت، ناسجة خيوطا فارقة في ملامحها ومراميها، عمل عليها الفيلم بكل دقة، فأضاء على مسألة كان من تبعاتها مشاكل كثيرة ، فمنذ بداية الاحداث في سورية تم توجيه المؤامرة، كي تهتك بالنسيج الاجتماعي، ومن هنا ركز القائمون على صناعة الفيلم على حالة كانت بمثابة امتحان تخطاه الانسان السوري بنجاح، وهو الذي تربى على قبول التنوع والاختلاف في الاطياف والأديان ، وتعرض لهجمة شرسة كادت ان تنسي البعض هذه الحقيقة الأبدية الحاضرة دائما في حياته مع مرور الزمن ، حيث قام الصحفي (أدى دوره الفنان يزن خليل ) باختطاف الطبيبة (أدت دورها الفنانة ربى عزوز) واحتجازها ردا على اختطاف زوجته المدرسة في مدينة حمص، لكن مع تسلسل الاحداث وتصاعدها، وكل مع تعامل معه بشكل يومي يستذكر صنيعته تجاه انسان لا ذنب له ، يعيش الصحفي مجموعة من الصراعات الداخلية والتفاصيل والسلوكيات، تجعله يراجع نفسه، وهو الانسان الواعي، فتلك الطبيبة وان كانت من طيف مختلف، فهي بريئه من كل تلك الممارسات وهي ضحية إضافية ، مثلها مثل الاخرين ، وتلك المؤامرة وجهت الى كل سورية، والإنسان السوري دون استثناء، هذا ما لخصه الفيلم ، وأطره ضمن مقولة امتلكت الحقيقة المُجتزأة من واقعنا . (يحدث في غيابك) فيلم روائي طويل من اخراج الفنان سيف الدين سبيعي ، تأليف سامر محمد اسماعيل ، تمثيل : يزن خليل، ربى زعرور، جلال شموط ، نور الوزير، عبد الرحمن قويدر ، وإنتاج المؤسسة العامة للسينما . |
|