|
إضاءات في حكايةٍ شعبيّة قديمةٍ لأُمّةٍ تعيش بجوار البحرِ كانَ الشبّانُ يمرحونَ بَعدَ يومِ عملٍ شاقٍ في الزراعةِ وتربية المواشي فيشعلونَ موقداً عظيماً ويرقصون ويرمونَ سهامَ الحظ وكان ملك البحرِ الجبّار يُخرِجُ رأسَهُ من الماء ويراقبهم ضاحكاً واثقاً من أنّهم لن يتجرّؤوا على إطلاق سهامِهم باتجاهِ مملكته، لكنّ هذا ما يحدثُ فعلاً ذات يوم، فإذا بسيدِ البحرِ يهتاج ويُقْسِمُ أن يغرقَ الشبانَ جميعاً، فتفكِّرُ أمهاتهم بطريقةٍ ينقذنَهم بها، فلا يجدن إلّا التخلّي عن قوّتهن - وقد عُرِفِنَ بالجمالِ والقوّةِ والشباب الدائم - ولكنّ الأمرَ يجعلهنّ ضعيفات. ويقتربُ الشبّانُ من الشاطئ ويصمدون أمامَ أمواجِ ملك البحر الجبّار، فيفهم أنّ الأمهات وهبن قوّتهن لأبنائهن، فيصيحُ بهنّ أنّ الأمر لا ينفع عندما يصبحونَ في عرض البحر فقوّة سواعدهم لن تصمدَ أمام الأمواج هناك. وهنا تروي الحكايةُ أن بناتِ ملك البحر غير الجميلاتِ مِثْلِهِ يخرجنَ ويعرِضنَ على الأمهاتِ أن يقدّمن لأبنائهنَ نباتاتٍ وطحالب قويّة جداً من أعماقِ البحرِ، يصنعنَ منها أوتاراً تدَعمُ وتقوّي أذرعُ الشبانِ وتربطها بالمجاذيفِ بقوّة على أن تتنازلَ الأمهاتُ عن جمالهنّ لبناتِ ملك البحر، وتوافق الأمهات... وينجو الشبانُ من الغرق في عُرض البحر، لكنّهم وبدهاءِ الملك يتوهونَ فيه، ويَسْخَرُ سيد البحر من النسوةِ مؤكداً لهنَّ أنهنّ لن يَرين أبناءَهن بعد اليوم، فتعتصرُ المرارةُ قلوبهن ويتمنينَ لو تأخذ النجومُ بريقَ عيونهنَّ الجميلة فتزداد سطوعاً ويهتدي بضوئها الأبناءُ فيعودونَ إلى الشاطئ... وتستجيبُ النجومُ لدعواتِ الأمّهات، ويرجعُ الشبّان إلى شاطئ بلادِهِم سالمين... وُتخْتَتَمُ الحكايةُ الباهِرةُ بعبرةٍ تقول: إن شباناً لهنَّ مثل تلكَ الأمهات لا يقهرونَ أبداً!! |
|