تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مبعوث الصين إلى الشرق الأوسط: لا بديل عن الحوار لحل الأزمة السورية

عن صحيفة Daily China
ترجمة
الأثنين 12-3-2012
ترجمة ليندا سكوتي

ها هو عام يوشك على الانقضاء منذ أن بدأت الأزمة ترمي بظلالها على سورية دون أن نشهد المجتمع الدولي يفلح في التوصل إلى إيجاد الحلول المناسبة التي ترضى بها الأطراف المعنية بما آل إليه الوضع في هذا البلد على الرغم مما بذله العديد من الدول من مساع حثيثة لإحلال السلام والاستقرار في سورية عبر البحث عن حل سياسي على وجه السرعة والتوصل إلى اتفاق قابل للتنفيذ.

لقد تعاطيت مع شؤون الشرق الأوسط منذ مدة ناهزت الأربعين عاما أمضيت منها ما يقارب الأربع سنوات في سورية التي أكن لها الإعجاب والتقدير، ولم يكن إعجابي مقتصرا على شعبها المعطاء الطيب القلب أو المشاهد الطبيعية الخلابة التي تسر الناظرين فحسب، بل بما تتمتع به من موقع جيوسياسي حيوي فريد من نوعه.‏

تقع سورية في منطقة ذات أهمية استراتيجية في آسيا ولها ارتباطات متجذرة مع دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط من حيث الهوية العرقية أو الدين والعقيدة، لذلك أعطيت لقب «قلب الشرق الأوسط» ولا ريب بأن أي تغيير ذو أهمية في هذا البلد سينعكس بالضرورة على الوضع الإقليمي برمته، إذ تأكد تاريخيا بأنه ليس ثمة سلام في الشرق الأوسط دون سورية.‏

نتيجة لما سلف ذكره فإن أي تغيير يطرأ على هذا القلب مثل عدم انتظام ضرباته يستدعي بالضرورة من المجتمع الدولي التحرك بسرعة وبذل قصارى جهده لتقديم الوصفات اللازمة لمعالجة أي خلل يحدث فيه.‏

إزاء ما تقدم يتعين علينا التعاطي مع الأزمة السورية بحذر بالغ بغية التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة تضمن حماية المصالح الأساسية طويلة المدى للشعب السوري، والمحافظة على السلام والاستقرار في هذا البلد ودول الشرق الأوسط برمتها.‏

إن المهمة الملحة في الوقت الحاضر يجب أن تتركز على ضرورة الوقف الفوري لكافة أعمال العنف. لأنها تزعزع المنطق الإنساني وتفضي إلى إلحاق الأذى بالمدنيين، كما وأن العنف المضاد سيجعل الجميع يدورون في حلقة مفرغة من العنف المتبادل مما يقود إلى سقوط مزيد من الضحايا ووقوع أضرار بالغة لذلك ليس لدينا من وقت نهدره وإلا وقعنا في معضلة النفق المسدود وعدم التوصل إلى حل سياسي.‏

يتعين على المجتمع الدولي تشجيع سائر الأطراف سواء في الحكومة أو المعارضة على ضبط النفس والتعبير عن الإرادة السياسية بالطرق السلمية بدلا من صب الزيت على النار، ومراعاة الوضع الإنساني في سورية وعدم تسيسه وألا يستخدم هذا الوضع كذريعة لتدخل عسكري، وأن يعطى ضمان الأمن المقام الأول. وفي هذا السياق، فمن المسوغ تشكيل لجان محايدة تقبل بها كافة الأطراف بغية إجراء تقييم شامل وموضوعي على الأرض يكون الهدف منه التوصل إلى آلية يمكن بموجبها تقديم المساعدات الإنسانية ويتيح للأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الإنسانية التي لها خبرة بهذا الشأن الاضطلاع بدور قيادي وتنسيقي.‏

من أجل التوصل إلى حل سياسي تدعو الضرورة إلى معالجة الأزمة عن طريق التوصل إلى حوار سياسي بين الأطراف ذات العلاقة وتسريع الإصلاح بما يحقق رغبات الشعب في التغيير والتطوير.‏

من غير المسوغ أن تمتنع المعارضة أو الحكومة السورية عن الحوار أو مقاطعته أو ينأى أي منهما عن المباشرة بإجرائه، ولا ريب بأن حلا سياسيا يتفق عليه الأطراف سيعكس رغبات الشعب السوري ويحظى بالقبول من شتى أطيافه.‏

إن أي حل سياسي يجب ألا يكون على حساب السيادة السورية واستقرار ووحدة أراضيها فلدى الشعب السوري تاريخ عريق وحضارة رائعة ومن المؤكد بأن لديه الحكمة والقدرة التي تمكنه من حل الأزمة الراهنة وإيجاد سبل التنمية بما يتلاءم مع الظروف الوطنية.‏

إن من يحدد مستقبل سورية هو الشعب السوري فقط وبإمكان المجتمع الدولي أن يقدم المساعدة له، دون أن يتجاوز حدوده في ذلك ويتدخل بالشؤون السورية الداخلية ذلك لأن التدخل الخارجي من شأنه أن يصعد الخلافات ويزيد من تفاقم الوضع المتوتر ولنا في العراق وأفغانستان وليبيا أسوة. ونظرا لكون الصين صديقة لسورية والدول العربية فإنها ستعطي مزيدا من الاهتمام لمخاوف الشعب السورية والعرب لأن لديها الرغبة بالتوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية وإرساء السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط برمته.‏

إن الصين على علم تام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقها وليس لديها الرغبة أو النية بدعم طرف ضد آخر، وكل ما ترغبه هو تعزيز التواصل بين الأطراف كافة ومواصلة دورها البناء في تحقيق الحل السياسي. وهي كعضو دائم في مجلس الأمن تؤكد على مبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة والمبادئ التي تحكم العلاقات الدولية، وتسعى لحماية المصالح الأساسية والطويلة الأمد للدول النامية.‏

وباعتباري مبعوث الصين إلى الشرق الأوسط فإني أتفهم تعقيدات وحساسية القضية السورية فإني على ثقة تامة بأن الكثير من الشعب السوري ودول العالم سيثنون على الدور الصيني في معالجة هذه المعضلة وسيثبت التاريخ بأن الحل السياسي للأزمة السورية هو الحل الوحيد وأن جهود الصين لإنهاء الأزمة سيثمنها الزمن.‏

 بقلم: وي سيك‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية