تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إسرائيل ومحاولة اغتيال البيئة الفلسطينية

شؤون سياسية
الأثنين 12-3-2012
نبيل السهلي *

منذ اللحظة الأولى لاحتلالها الضفة الفلسطينية وقطاع غزة في حزيران عام 1967 ، شرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلية في تطبيق إجراءات مرسومة تهدف إلى التضييق على الفلسطينيين لإخضاعهم سياسيا،

فمنذ عام 1967 تسارعت وتائر الاستيطان، لفرض الأمر الواقع الإسرائيلي، واستطاعت سلطات الاحتلال مصادرة 60 في المائة من مساحة الضفة الفلسطينية، وتم بناء 151 مستوطنة إسرائيلية في الضفة حتى بداية العام الحالي 2012 ؛ حيث يتركز فيها أكثر من 350 الف مستوطن ؛ هذا فضلاً عن 21 مستوطنة حول القدس تضم 180 الفاً من المستوطنين الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل ؛ وقد تركّزت عمليات الاستيطان في مناطق الريف الفلسطيني، ما أدى الى تراجع أداء قطاع الزراعة الفلسطيني ؛ ان من حيث مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني بشكل عام ، او استيعاب قوة العمل الفلسطينية ؛ ومنذ انتفاضة الأقصى في أيلول عام 2000م عمدت سلطات الاحتلال الى تنفيذ سياسات صارمة ضد البيئة الفلسطينية، كان في المقدمة منها عمليات قطع الأشجار وجرف الاراضي خاصة الزراعية منها، حيث يلعب ذلك دورا في عدم التوازن البيئي في المدى البعيد، وتشير الدراسات المختلفة الى ان سلطات الاحتلال قطعت منذ بداية انتفاضة الأقصى وحتى نهاية عام 2011 أكثر من مليون ونصف المليون شجرة في الضفة والقطاع ، وثمة خمسين في المائة منها أشجار مثمرة من أنواع مختلفة وخاصة اللوزيات واشجار الزيتون ، فضلا عن ذلك جرفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة المذكورة نحو 42 الف دونم من الأراضي المزروعة او المجهزة لزراعة المحاصيل الحقلية، كما قامت سلطات الاحتلال بتدمير 151 بئرا منذ عام 2000، و450 منزلا للمزارعين، وتمّ تدمير 92 مزرعة للدواجن والماشية بنيران المدافع والدبابات والطيارات الإسرائيلية خلال فترات العدوان المتكررة على الأراضي الفلسطينية سواء في الضفة الغربية او قطاع غزة ، كل ذلك أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية الفلسطينية، خاصة بين الريفيين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة ، حيث يشكلون أكثر من 80 في المائة من المجتمع الفلسطيني هناك، وتبعا لذلك أصبح أكثر من ستين في المائة من هذا المجتمع تحت خط الفقر. وأشارت المعطيات إلى خسائر اقتصادية فلسطينية تعدّت عشرين مليار دولار أميركي منذ عام 2000، منها مليارا دولار هي خسارة قطاع الزراعة الفلسطيني، الذي تأثر بإجراءات الاحتلال المذكورة بشكل مباشر . ومازاد الوضع تدهوراً بالنسبة للوضع البيئي الفلسطيني هو سيطرة السلطات الإسرائيلية على نحو 85 في المائة من اجمالي مصادر المياه الفلسطينية المتاحة والمقدرة بنحو 850 مليون متر مكعب سنويا لمصلحة المستوطنات، حيث يستهلك المستوطن الإسرائيلي في المستوطنات القائمة في الضفة الغربية ستة أضعاف ما يستهلكه المواطن الفلسطيني من المياه. ويلحظ المتابع للإجراءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ومصادرهم الطبيعية، ان عملية التخريب المتعمّد للبيئة في الضفة والقطاع قد خطط لها منذ اليوم الاول للاحتلال في عام 1967، لكن تلك العملية تضاعفت وازدادت بعد انطلاقة انتفاضة الأقصى في نهاية أيلول من عام 2000، حيث تسببت المياه العادمة ومخلّفات المصانع الإسرائيلية الكيماوية والسامة في هلاك المزروعات وتلف الأراضي الزراعية وتلوث البيئة والتربة، والحياة بوجه عام، وتهدف السلطات الإسرائيلية من وراء ذلك إلى فرض وقائع إسرائيلية جديدة على الارض يصعب تغييرها، وفي هذا السياق يشار ان من أهم وأخطر وسائل تلويث البيئة من قبل الجيش الإسرائيلي والمستوطنين الإسرائيليين تصريف المياه العادمة وغير المعالجة من المستوطنات الى الاراضي المحتلة في عام 1967، وكذلك إنشاء المصانع الإسرائيلية الضارة بالبيئة في داخل فلسطين المحتلة عام 1967، حيث بات يوجد نحو (200) مصنع إسرائيلي متخصص في تلك الصناعات في المستوطنات الجاثمة في أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية وحول مدينة القدس ، فضلا عن ذلك تقوم السلطات الإسرائيلية بتهريب ودفن النفايات السامة في الاراضي الفلسطينية بشكل مدروس ومتعمّد، ما يؤدي الى توسّع ظاهرة التصحّر في العديد من مناطق الريف الفلسطيني التي تعتبر بمثابة سلة الغذاء للفلسطينيين، الأمر الذي سيؤدي إلى عدم التوازن البيئي، وبالتالي الى الضغط على الفلسطينيين للعمل في قطاعات هامشية. وتشير الدراسات المختلفة الى استخدام الجيش الإسرائيلي لليورانيوم المستنفد والمشعّ والسام خلال الفترة (2000-2012)، وهذا بدوره أدى الى انعكاسات خطيرة على المجتمع الفلسطيني والبيئة الفلسطينية، حيث يكمن الهدف الإسرائيلي في نهاية المطاف في دفع الفلسطينيين إلى خارج أرضهم من جهة، والحد من معدلات الخصوبة العالية عند المرأة الفلسطينية للإخلال بالتوازن الديموغرافي لمصلحة المستوطنين اليهود على المدى البعيد من جهة أخرى.‏

مما تقدم من مخاطر على البيئة الفلسطينية ، يمكن تسجيل توصية أساسية للحد من الإجراءات الإسرائيلية الرامية الى تخريب البيئة الفلسطينية، وتتمحور تلك التوصية حول ضرورة دعوة وزراء البيئة العرب لاجتماع طارئ، للتدارس في الإجراءات الإسرائيلية الخطيرة في الضفة الغربية وقطاع غزة ، وصولا إلى وضع اقتراحات وتوصيات، وبالتالي آليات عمل محددة لدعم صمود الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع،وتهيئة الظروف المناسبة لدرء المخاطر المحدقة في البيئة الفلسطينية ؛ والحد ماأمكن من تداعيات سلبية على الشعب الفلسطيني .‏

 كاتب فلسطيني‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية