تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إلى الماغوط.. حتى بعد موته!!  

رسم بالكلمات
الأثنين 12-3-2012
  د. نصر مشعل

سيدي.. ويحك لما أوكت يداك وفوك نفخ

أخذت كل شيء.. ثم.. تركت كل شيء.. وقلت:‏

هذا هو الوطن مسجَّى أمامكم.. فهل تجرؤون أن تغسلوه؟!‏

أخذت كل شيء.. فلم تترك حرفاً لأكتب كلمة‏

أوكلمة لأصوغ جملة.. أو جملة لأصنع موقفاً‏

ولا موقفاً لأجرد وطناً.. أو وطناً أدفن رأسي فيه خجلاً‏

أو قناعاً أسفره عن وجه الطغاة.. أو نصيفاً أتقي به شر البغاة‏

أو رصيفاً أدمغ عليه قدمي.. أو سجناً أصف جلاديه‏

أو طريقاً محفراً أكبو فيه.. لأخرج من كبوتي حصاناً آخر..‏

أو ثغرة في جسد هذه الأمة لأملأها‏

أيها الماغوط أنت ملأت كل ثغرات هذا الوطن..!‏

حتى غدت شوارعه معبدة‏

وأرصفته مصقولة كقول المسيح: (المحبة لا تسقط أبداً)‏

حنانيك يا أبتاه... توقف عن كل شيء‏

ليس عن الكتابة فحسب.. بل توقف عن الجلوس‏

والشخير، والمشي على عكازك الخشبي‏

والشراب.. والتدخين.. والسخرية‏

والألم.. والموت.. والحياة.. والبكاء... وحتى الكلام..‏

فمساء الخير التي تقولها.. غدت منارة مبتكرة‏

أخجل من كتابتها‏

فحراس الأدب ونقاد الرواية والروح‏

سيقولون لي غداً: مهلاً.. هذا ما قاله الماغوط!!‏

صرت أكره قراءة ما تكتب.. وأكره شعرك، ونثرك..‏

ونصوصك المسرحية.. والإنصات إليك‏

والنظر في عينيك الشتويتين‏

وحتى التفكير بك‏

أنا أكرهك كما أكره فيروز، ودافنشي‏

وماركيز، وبرسفونة، وصلاح الدين‏

وموزارت وبحيرة البجع، وزكريا أحمد، وآنجلو‏

ولينين،.. وغيفارا.. وقيس بن الملوح‏

ومحمد صادق حديد‏

لأنكم تدفعونني لأحرق كل ما كتبت‏

كل ما رسمت.. كل ما لحنت‏

كل ما غنيت.. كل ما اخترعت‏

كل امرأة أحببت.. كل ثورة خططت‏

كل ما أتمناه أن يأتي يوم‏

وتكرهونني فيه جميعكم..‏

أحبك....‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية