تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في المراكز الثقافية .. أفلام للأطفال تستحق الاهتمام !!

سينما
الأثنين 12-3-2012
فاتن دعبول

تسعى المراكز الثقافية ضمن أجندتها الشهرية وفي محاولات منها إلى ترسيخ الثقافة السينمائية والبصرية عند الطفل ، وإن جاءت هذه المحاولات خجولة أحياناً إلا أنها تقوم في أحد أوجهها على السعي لسد الثغرة القائمة بين الجمهور والسينما ، وخاصة جمهور الأطفال ،

ولعل المركز الثقافي العربي كان في سعيه الدائم لردم هذه الهوة يقوم بعرض فيلم للأطفال كل يوم خميس على اختلاف أعمارهم وشرائحهم ، تتفاوت هذه الأفلام في موضوعاتها كما يتفاوت عدد مرتاديها وأعمارهم ، و هي في غالبيتها أفلام عالمية معروفة.. ولكن بعيداً عن أهمية هذا النشاط وضرورة تكريسه وتطويره لا بد أن نلقي الضوء على هذه الفعالية ومدى حضورها على أرض الواقع ، وما نوعية الأفلام التي تعرض ومدى تقبل جمهور الأطفال لها واقتراحات الأهل المرافقين للأطفال .‏

أفلام مختارة‏

عرض منذ بداية العام مجموعة من الأفلام ، منها : (مدغشقر، قصة الأميرة ريبنزيل ، ديناصور آلادور ، طرزان ، شوكولا بالبندق) .. حضرنا في الموعد المحدد لعرض الفيلم، وكان بعنوان (مدغشقر) وهو يحكي قصة مجموعة من الحيوانات تعيش ضمن حديقة الحيوان. وتتوفر لها كل مستلزمات العيش اللائقة ، لكن مع ذلك، يتمرد حمار الوحش ويسعى للخروج من هذه الحديقة، لأنه يحلم دائماً بالحرية والعيش بالبراري كأبناء جنسه، فيقرر الهرب مع أصدقائه من الحيوانات ، وبعد مغامرات عديدة، يصلون إلى جزيرة مهجورة ويعيشون فيها حياة الحرية ، لكن في هذه الحياة الجديدة تتحرك الغرائز من جديد لينشأ الصراع بين الغريزة والصداقة، وبصعوبة شديدة تنتصر الصداقة . والفيلم يركز على فكرتين أساسيتين (الحرية، الصداقة) ولكن ثمة نقاط عديدة استوقفتنا، أولها أنه مترجم والحضور من الأطفال كانوا دون السن التي تسمح لهم بقراءة الترجمة السريعة ما دفعهم لسؤال الأهل عن الحوارات التي كانت تدور ما أثار ضجة وتشتت الذهن ، كما يسوق الفيلم لبعض الأفكار البعيدة عن ثقافتنا (الوحشية، الاستئثار بكل شيء) من خلال عبارة جاءت على لسان أحدهم (نحن سكان نيويورك من حقنا أن نمتلك العالم جميعه) .‏

أما فكرة فيلم (قصة الأميرة ريبنزيل) فتكرس دور الأعمال النبيلة والتعامل الجيد مع الآخر في تغيير مجرى حياة إنسان ما، فقد استطاعت الأميرة أن تحول حياة اللص الذي أنقذها من حياة شريرة إلى حياة مستقيمة من خلال تعاملها المثالي معه، بينما نجد في قصة (ديناصور آلادور) تأكيداً على دور العائلة وتماسكها في الحفاظ على أفرادها وتعزيز فكرة الصداقة ومساعدة الضعيف .. إذا يسعى القائمون على اختيار هذه الأفلام إلى تكريس القيم والعادات التي نعتز بها وهي إغاثة الملهوف ومساعدة الضعيف وتقديس الصداقة وعمل الخير .‏

معايير في دائرة الاهتمام‏

وهنا نتوقف عند المعايير التي يتم اختيار الأفلام على أساسها ، تقول ميس عمر المسؤولة عن العروض: (أهم هذه المعايير أن يكون الفيلم ناطقاً بالعربية الفصحى، لكن للأسف أن المتوفر لدينا وفي السوق، إما ناطق باللهجة المصرية أو اللهجة اللبنانية، ومع ذلك نفضله على الفيلم المترجم كتابياً، لأن شرائح الأطفال تتراوح بين (5 ـ 15) سنة، والطفل الصغير لا يملك القدرة على القراءة . لذلك لن يستمتع بالفيلم مهما كانت الصور جميلة والحركة شائقة ـ أما المعيار الآخر فهو التركيز على الهدف من فكرة الفيلم، وهدفنا ليس التسلية فقط وإنما هناك أهداف وقيم يكتسبها الطفل وتطور إدراكه وسلوكياته) .‏

أما كيف يتم اقتناء هذه الأفلام فتقول : (نحن مرهونون لما ترسله وزارة الثقافة، وهي بدورها تشتريها من السوق، وليس من شركة خاصة، لذا لا نستطيع أن نفرض شروطنا في اختيار نوعية الأفلام (مترجم، مدبلج، أو ناطق باللغة الفصحى) . ومع ذلك فإننا نملك إمكانات كبيرة، ونحتاج فقط لتنسيق الجهود بين المركز الثقافي والأهل، ونحتاج أيضاً لدعم الإعلام في التسويق لهذه التظاهرة الهامة والمتعلقة بشريحة الأطفال) .‏

وفي عودة إلى الأفلام المعروضة وربما هي عيّنة لما يعرض، نجد أن الترجمة ليست صحيحة دائماً، ويكتشفها من لديه اطلاع على اللغة، وأحياناً لا تكون مرافقة للصورة، فيضيع الطفل بين ما يقرأ وما يرى . والسؤال : لماذا لا توجد مؤسسة خاصة لدبلجة أفلام الأطفال باللغة العربية الفصحى السلسلة ، وبسوية عالية .‏

وقفة مع الحضور‏

السيدة إيناس المعيشي تسعى كما تقول إلى إدماج أطفالها في المجتمع عن طريق ارتياد صالات السينما والمسرح، وتجد في هذه العروض متنفساً لأطفالها وتقول: إن الأفلام المعروضة أجنبية بالغالب وتسوّق لثقافة الغرب وبالطبع لا يمكن تجاهل الأفكار الإيجابية التي يمكن أن تطرحها لكن هذا لا ينفي أن ترشح بعض الأفكار غير السليمة إلى عقل الطفل الباطن ، وتفضل بدورها أن تنطق هذه الأفلام بالعربية الفصحى، لأن ما يكسبه الطفل غالباً يكون سمعياً، وذلك يساهم في تطوير ذهنه وذائقته اللغوية ، ويؤكد السيد كنان برهان على أهمية تصنيع الأفلام محلياً، لتكون ناطقة بلغتنا وثقافتنا وعاداتنا ، وبرأيه (لا يمكن أن يخلو فيلم مستورد من سموم تبث فيه ما ينعكس بدوره سلباً على الأطفال) .‏

عموما ً ثمة بوادر إيجابية لمسناها من القائمين على هذا النشاط، في إجراء استبيان حول الأفلام التي تشد الطفل، ومحاولة الحصول على أفلام مدبلجة باللغة العربية وإعطاء فرصة للفئات العمرية الصغيرة بالاستمتاع بالعروض من خلال عرض أفلام تناسب أعمارهم ، وفي الختام لا بد من التأكيد على أهمية دعم هذه الفعاليـــة وأهميـــة الترويـــج لها لتأخـــذ دورها المأمـــول لدى شريحة هامة من المجتمع ، وهي شريحة الأطفال .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية