تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


شبابنا بوصلة المستقبل .. فهل نحسن توجيهها..؟!

شباب
2012/3/12
غانم محمد

لا أحد يستطيع أن يتجاهل بعض المكاسب التي حصل عليها شبابنا وخاصة في السنوات الأخيرة وعلى كافة الأصعدة،

ولا أحد يستطيع أن ينكر أن الشباب أولوية في اهتمامات القيادة وفي توجهات الحكومة السورية وأن الأخيرة تحاول قدر الإمكان استيعاب أكبر عدد من هؤلاء الشباب وتأمين فرص عمل لهم ضمن مشاريع وخطط عديدة وبأشكال مختلفة من هذا الاستيعاب سواء من خلال برنامج تشغيل الخريجين الجامعيين أو برنامج تشغيل الشباب أو من خلال مشاريع دعم المرأة الريفية وتمويل المشاريع الصغيرة وغير ذلك..‏‏

ما تقدّم صحيح وهو موجود ومستمر ولكن ما هي النسبة التي يغطيها من هؤلاء الشباب، وهل بهذه الإجراءات انتهت فعلاً مشكلات شبابنا وتأمنت فرص العمل لهم؟‏‏

لا يمكننا ولا يجوز أن ننكر أن الكثير من مشكلات شبابنا ما زالت معلّقة ومازالت الحلول بعيدة كل البعد عنها وفرصة العمل التي تشكّل هاجساً للجميع ما زالت حلماً صعب المنال بالنسبة للكثيرين..‏‏

كنّا نقسو على شبابنا، وننعتهم بالاتكالية في أحيان كثيرة من خلال توجهاتنا لهم من خلال هذا (الملحق) الذي حاول الاقتراب أكثر من همومهم، فقلنا لهم ( إن العمل الزراعي ليس عيباً) في العدد الأول من هذا الملحق، وتنقّلنا معهم من خيار إلى آخر ووصلنا إلى مطالبتهم بالتوجّه إلى الحرف الصغيرة وإلى ضرورة أن يجدوا المخارج بأنفسهم في محاولة متعمّدة من قبلنا لتفجير طاقاتهم دون انتظار الوظيفة بالمفهوم الخاطئ لفرصة العمل مؤكدين أن أي عمل يسهم في تقليل مساحة البطالة ويدرّ دخلاً معقولاً حتى لو كان عملاً عضلياً ( عامل بالأجرة) فالمهم هو أن يحقق كلّ إنسان دخلاً معيناً يستر به حياته.‏‏

أقنعنا الكثيرين من الشباب الذين حاورناهم بهذه المسائل وتوجّه بعضهم فعلاً إلى العمل ولم تعد الوظيفة الحكومية شغلهم الشاغل ولكن بقي ذلك في حدود ضيقة لا لعلّة في الشباب وقناعاتهم بل لعلةٍ في الخيارات القليلة المتاحة أمامهم بعيداً عن الوظيفة والكلفة الباهظة لأي عمل وعدم ثبات المردود وخاصة ما يتعلق منه في الشقّ الزراعي.‏‏

في طرطوس..‏‏

يحاصرنا عدد كبير من الشباب في البيت ومكان العمل طالبين وساطتنا من أجل تأمين فرصة عمل ولو على شكل عقد مؤقت وإن كانت درجته وفئته لا تناسب الشهادة التي يحملها هذا أو ذاك.‏‏

ما إن يُعلن عن مسابقة لتعيين عدد قليل من الموظفين حتى تصبح الطلبات المقدمة بالآلاف..‏‏

ما إ ن تجلس في محل ألبسة أو أحذية أو مطعم بعض الوقت حتى تسمع أكثر من سؤال لصاحب المحل عن فرصة عمل لديه..‏‏

ثلاث جهات عامة في طرطوس تطلب حوالي /75/ شخصاً لملء شواغر لديها فتقدّم حوالي /12/ ألف شخص لهذه الجهات!‏‏

نقرأ ونتابع كلّ ما يصدر عن الجهات العامة من حرصها على توفير فرص عمل للشباب ومن يكتفِ بما تنشره الصحف يجزم بأنه لا مشكلة عمل موجودة وإنما الدلال هو ما يفرض نفسه لدى أبنائنا الشباب ولكن الواقع عكس ذلك تماماً لأن فرص العمل بالمئات والباحثين عن العمل بعشرات الآلاف وأعداد العاطلين عن العمل تتفاقم وتتزايد يوماً بعد يوم وخاصة مع تراجع دور القطاع الخاص وعدم قدرته على استيعاب ما هو مرجو منه من طالبي العمل..‏‏

نبقى في طرطوس ونخصّ شبابها بهذه الوقفة ونطلب من الجهات التنفيذية أن تفكّر بآلية تزيد فرص العمل في هذه المحافظة القادرة على استيعاب جميع أبنائها تقريباً في حال تمّ التخطيط والتنفيذ بشكل جيّد، فالمحافظة زراعية بالدرجة الأولى مساحات الأراضي القابلة للزراعة كبيرة جداً وخبرة أهلها بالزراعة كبيرة أيضاً ومع هذا هناك نفور من العمل الزراعي بسبب قلة المردود وإذا ما تمّ دعم هذه الزراعة فعلياً فإن قسماً كبيراً من أبناء طرطوس سيستقر بالزراعة وتخف أعداد العاطلين عن العمل، والشق الثاني للمشكلة والحلّ بآن معاً هو أن تُقام صناعات زراعية حقيقية في المحافظة بحيث تكون هذه الصناعات هي الرافعة الحقيقية للعملية الزراعية من جهة ومن جهة أخرى تكون قادرة على استيعاب أعداد كبيرة من الخريجين والعمال...‏‏

في طرطوس جميع أنواع الزراعات وكل الصناعات القائمة على الزراعة لا تشغّل إلا المئات..‏‏

طرطوس مدينة سياحية فكم يشغّل قطاع السياحة من أبنائها؟‏‏

هذه الأسئلة نكررها دائماً لأن في الإجابة عليها نقترب كثيراً من الحلول التي ينتظرها شباب المحافظة ونأمل ألا تتأخر هذه الأجوبة.‏‏

خلاصة الكلام‏‏

الشباب هم بوصلة المستقبل، فإن لم يدخلوا بوابة هذا المستقبل من حيث يجب أن يدخلوها فسيكون هذا المستقبل غير مستقر وغير واضح المعالم ومن الضروري بمكان أن يلبس التفكير بهم جديّة أكبر وأن تكون الحلول المقترحة سريعة لا متسرّعة قبل أن يصبح هؤلاء الشباب شيباً.‏‏

نعرف حجم الإمكانيات التي تتحرك بها الحكومة ونعرف أيضاً قدرتها على الاستيعاب ولهذا نطالبها بإطلاق مشاريع ذات مردود واضح اقتصادياً وقادرة على تأمين فرص عمل وقد سمعناها من كثيرين مما جاءنا شاكياً وملخصها: لو أن المبالغ التي صُرفت كمعونات اجتماعية أو كدعم لبعض المحاصيل الزراعية خُصصت لإنجاز مشاريع حيوية لكان المردود أفضل من جميع النواحي.‏‏

وإذا ما كنّا موضوعيين ومنطقيين فإننا نتفق مع هذا القول ونحن الذين نعرف كيف صُرفت هذه المعونات أو كيف مُنح ذلك الدعم والأهم من ذلك نعرف ما هو مردود صرف كل تلك الأموال!‏‏

ونتفق أيضاً على أن إعطاء سمكة لإنسان جائع عملٌ خيّر ولكن إعطاءه الصنّارة وتعليمه الصيد أفضل بكثير ويؤمن له مستقبلاً لا يجوع فيه مرّة جديدة..‏‏

المعونات الاجتماعية التي صُرفت أو التي ستُصرف ما هي إلا سمكات ولو استثمرنا هذه المبالغ في مشروع عام لكان بإمكان الكثيرين أن يمتلكوا الصنارة ويباشروا الصيد بأنفسهم.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية