تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في ذكـرى تأسـيسـها.. وزارة الثقافـــة هـــل تبلـــور اســـــتراتيجية جديــدة

ثقافة
الأربعاء 26-11-2014
ديب علي حسن

بكل ما للكلمة من معنى ودلالات في سياقها التاريخي والثقافي وكونها لم تكن الا تجذيرا حقيقيا لنهضة ثقافية ترتسم ملامحها. جاءت مقولة القائد الخالد حافظ الأسد: الثقافة هي الحاجة العليا للبشرية،

أتت لتكون منهاج عمل لايمكن الا يكون فاعلا من أجل بناء الانسان الذي يسعى الى المعرفة ويتزود بالعلوم وانجازاته مكللة بالجانب الانساني, متمثلة وعياً معرفياً يبنى ويرتقي بحامله, فكانت البنى الاساسية لكل ذلك وما رأيناه ويمكن أن نقف ساعات طويلة ونحن نعدده من إنجازات في البنية التحتية وما يلزمها.‏

واليوم ونحن نحتفي بالذكرى السادسة الخمسين لتأسيس وزارة الثقافة نجد أنفسنا أمام كم هائل من الأسئلة الكبرى التي يجب أن تطرح للنقاش العام والمشاركة في الاجابة عليها، وهذا لايخص وزارة الثقافة وحدها بل جميع المؤسسات المعنية بالثقافة والفكر والتربية والتعليم، ومن يعمل في حقل الابداع بشتى ألوانه وفنونه ومنجزاته.‏

سيل من الاسئلة يبدأ ولا ينتهي: هل علينا ان نعيد النظر في بنيتنا الثقافية والمعرفية وكيف ولماذا ان كانت الاجابة تقتضي ذلك ؟ ومن ثم أين أخفقنا ثقافياً ومعرفياً ؟ وما أسباب ذلك وهل كانت الأدوات والأساليب هي السبب في ذلك اترانا غصنا في الماضي ومتاهاته دون الالتفات الى معناها ومبناها فوقفنا على أطلال التراث حتى صارت ثقافتنا تحتفي بما أبدعه الذين مضوا من قرون ولا جديد البتة فيما نقدمه.؟هل ترانا فقدنا القدرة على التفاعل الخلّاق مع منجزات الثقافة العالمية ولم نكن الا مجرد مستهلكين وناقلين لها ان صحت التسمية وأن الكثير من منجزات الثقافة العالمية صار يعامل كسلعة، ومن ينجز السلعة يدخل سوق العرض والطلب ونحن بقينا في سوق الطلب.‏

اترى هل علينا ان نسال: لماذا لم نحسن تحسين صورتنا ثقافياً في العالم الخارجي وهذه مسؤولية جماعية تقع على عاتق أكثر من مؤسسة، ولماذ كانت الجسور التي مددناها خشباً تهرا امام اول عوامل الزمن، حتى المهرجانات التي استضافت وقدمت لم تثمر ابداً. مراكزنا الثقافية في الخارج لم تكن قادرة حتى على جذب المبدعين المغتربين، بل وزعت مناصبها كغنائم على الاحباب والاصحاب ولايهم الا التقرير الذي يرسل آخر الشهر عن انجازات وهمية ليست الا حبرا على ورق.‏

اسئلة اخرى كثيرة. يجب ان تطرح على ساحة النقاش والبحث في نقاشات جدية تكون خلال حلقات نقاش وبحث لا تستبعد هذا وذاك لانه لايعرف هذا المسؤول الثقافي او ذاك، حلقات وندوات توضع أَطرها العريضة من قبل من آمن بالوطن وثقافته ومقدراته، وكم لدينا من مؤسسات ثقافية وإعلامية هامة يجب أن تشرك في ذلك. ولابأس ان يخضع الامر لدراسات ميدانية من خلال استمارات توزع على شرائح واسعة عامة ومن مختلف الاهتمامات الثقافية والتربوية والتعليمية وغير ذلك تستقصي حال واقعنا الثقافي ماله، وما عليه ، افاقه واقعه، رؤاه القادمة. نرسم خطوطه العريضة بالتشاركية التفاعلية التي لاتغوص في الماضي وتترك الحاضر، ولاتنشغل بالاني على حساب الدائم والحقيقي، استراتجية ثقافية، لاتضع في ميزان الربح والخسارة امورها كما لو كانت تبيع وتشتري في متجر، استراتيجية تضع نصب عينيها ان الاستثمار الثقافي والمعرفي هو الاكثر ثراءً وربحاً وديمومة، لاتحسب كم ثمن الورق وكم من مال سوف يصرف هنا وهناك وتخضع لقوانين الروتين والبيروقراطية، استراتيجية ثقافية تراجع خططها المرحلية تقوم وتقيم.‏

تعمل على استثمار البنى التحتية الحقيقية في سورية، وتخرج من إطار النظرة الى دورها بانها راعية للثقافة وحاضنة لها الى الدور التشاركي الحقيقي، ان تكون صانعة للثقافة وهي تفعل ذلك وتمارس هذا الدور وتؤدي الرسالة لكن لابدّ من زيادة وفاعلية التشاركية وصنع المشهد الثقافي دون السيطرة عليه، ورسم ملامح ليست من نبض الحياة.‏

استراتيجية ثقافية ننتظرها ان تكون جديدة في الرؤى والدور والرؤى بناء على ما تحقق من انجازات، استراتيجية ثقافية تفعل وتنقد وتنمي، وبهذه المناسبة منذ عدة اعوام طرحنا ملفا واسعا هنا في صحيفتنا استشرفنا فيه ضرورة ان تكون لدينا مثل هذه الاستراتيجية فكان جواب وزير ثقافة سابق انه لا داع للاستراتيجيات الثقافية ولا احد يرسم مثل هذه الرؤى ولايضعها، ولم نكن ندر انه كان صاحب استراتيجية توزيع المغانم على الاحباب والاصدقاء الى يحين الوقت للمتاجرة بالوطن.‏

والشيء بالشيء يذكر فقد نشرت اخبار الادب المصرية منذ ايام ورقة عمل للاستراتيجية الثقافية القادمة في مصر وهي حصيلة عمل لندوات ونقاش والاف الدراسات والمراجع وطرحت ايضا بخطوطها العريضة للنقاش، ويمكن لاي قارىء ان يطلع على هذه الخطوط العريضة التي تستند على بنية المجتمع المصري وتنطلق من واقعه الحالي، الى افاقه الجديدة...‏

بكل الاحوال هي أمنيات نطرحها وليس لنا الا ان ننتظر، فالثقافة حاجة عليا حقيقية وليست ترفا عابرا ولا انجازا فرديا، وما من مجتمع يستطيع ان يحقق مكانة مرموقة الا بتميز انجازاته العلمية والمعرفية والتي هي في النهاية ثقافة حياة وعمل وعطاء. ولان الاهمال يلف الثقافة بكل انحاء الوطن العربي فاننا سنبقى على تخوم المجهول، وربما علينا ان نحمد الله ان القمة الثقافية المقررة منذ سنوات لم تعقد لانها بالتأكيد ستكون على شاكلة حال الكثيرين من قادة الاعراب ممن لايجيدون قراءة حرفين ولا يعرفون الا ترديد جملة كيف تتدبر أمورك مع الحريم...؟!‏

d.hasan09@gmail.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية