تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حكومة فارغة..!!

هآرتس- بقلم: جدعون ليفي- عن النسخة الانكليزية
ترجمة
الأثنين 27/10/2008
ترجمة: ريما الرفاعي

بعد عدد من الاجتماعات الليلية الدافئة وربما الحاسمة والمصيرية ستكون لدينا حكومة أخرى في إسرائيل. وسيجد دافيد غلاس مع يورام رابد صيغة إنقاذية , فتكون تسيبي ليفني رئيسة للحكومة وايهود باراك هو نائبها الأول, وتكون لإسرائيل حكومة فارغة أخرى.

ولعل هذا الفساد هو الأشد خطورة من بين كل الأصناف الأخرى: حكومات فارغة يهدرون وقتنا ومواردنا الآخذة في النضوب ليجلس الوزراء باسترخاء على مقاعدهم المريحة. حراسهم يحمونهم بينما يقودهم سائقوهم إلى اللامكان, والجميع يقدم لهم الاحترام والتقدير, وهم فرحون بأهميتهم الزائفة يثرثرون بشعارات الماضي البائدة.‏

ومن يدري, ربما يعين موشيه شاروني وزيراً, والتجديد المتوقع الأكثر إثارة هو أن يعين باراك مسؤولاً عن الأمن بينما الدبلوماسي الأصيل شاؤول موفاز سيكون مسؤولاً عن الخارجية وبوغي ويشاي سيتابعان مرة أخرى قضية الفقراء كما فعلا حتى الآن, وبنيامين بن اليعازر سيهتم بالأماكن السياحية لن نعثر على أي شيء جديد من كل ذلك باستثناء اتفاقات عمل وتقاسم للنفوذ بين هؤلاء الأشخاص لعامين مقبلين.‏

والأرجح أنه لن تتشكل في إسرائيل أبداً حكومة ذات توقعات هابطة إلى هذا الحد, القائدان ليفني وباراك سيعملان بجهد وإصرار لا مثيل لهما وسيفعلان كل شيء بغية عدم تمكين الآخر من انجاز أي شيء وتجييره لحسابه, وإذا طلب باراك إقامة السلام مع سورية ستعمد ليفني إلى عرقلة الأمر, وإذا عملت ليفني للسلام مع الفلسطينيين, يمكنكم أن تعولوا على باراك كي يفعل كل ما بوسعه لإحباط ذلك, ومنذ المفاوضات الائتلافية كان الحديث يدور عمن سيدير المفاوضات مع سورية وليس عن فحوى هذه المفاوضات وهو ما يشير مجدداً إلى أن باراك بوصفه أول رئيس وزراء يتجرأ أكثر ممن سبقه قد تلاشى ولم يبق له أي أثر.‏

سينقل الصحفيون عن المقربين من ديواني رئيسة الحكومة ونائبها شجاراتهم حول كل مظهر مصطنع من الانجازات والدماء الفاسدة التي ستتدفق بين الديوانين مهددة بإغراقنا جميعاً, ليفني وباراك سيدفعاننا للحنين إلى حكومة أولمرت, وليس أقل من ذلك للثنائي اللطيف السابق, رابين- بيرس في حكومة رابين الأولى وشامير - بيرس في حكومة الوحدة الثانية.‏

لايعني هذا أنه لا يوجد قاسم مشترك بين ليفني وباراك, كلاهما يريد فقط الوصول إلى الانتخابات بعد عامين في وضع أفضل, هذا هدفهما من إقامة الحكومة ولأنها لعبة عدمية, فإن ذلك سيكون على حساب أحدهما, أما ضياع العامين المقبلين سدى فسيكون على حسابنا جميعاً وحتى ذلك الحين., ترغب ليفني بتحقيق مجموعة من الانجازات تريد أن تقول: كنت رئيسة للوزراء أما باراك فهو خائف من الانتخابات ومهتم في الوقت الحالي بنفسه ومكانته فقط, وكلاهما سيقوداننا معاً نحو التهلكة.‏

ومن هنا, ينبغي توجيه تحذير لحركة ميرتس: احذروا أن حكومة اللاشيء أمامكم, إذا بقي شيء من رهانات الماضي التي أقدمتم عليها فليس لديكم ما تبحثون عنه في هذا الفراغ العدمي.‏

وفي ظل هذ الوضع لا مناص من التوجه إلى الانتخابات, ورغم أن الانتخابات قد تحمل أنباء سيئة (وصول الليكود للحكم) أو سيئة قديمة (عودة الوضع القائم) ولكن لابد من إلقاء حجر في هذه المياه الراكدة, كان من الضروري إبلاغ المرشحين الرئيسيين لرئاسة الوزراء لو كنا في عالم مثالي: تنحوا وافسحوا المجال, ليس بينكم من هو جدير بالمنصب, اثنان منكم فشلا في السابق والفوارق الفكرية بين ثلاثتكم غير واضحة.‏

ولما كانت إمكانية التغيير معدومة من الثنائي الحالي, لا مفر من تعليق الآمال على الانتخابات التي قد تحرك رياحاً جديدة في السياسة التي تراوح مكانها, ربما تظهر حركة جديدة وقد لاتظهر.‏

وربما ستنتخب ليفني بأغلبية تعزز من إصرارها على الفعل وليس فقط على البقاء, ولكن حتى إن انتخب بنيامين نتنياهو الذي لا يختلف بشيء جوهري عن منافسيه, اللذين يحاولان اخافتنا منه, فسنعرف على الأقل أن هذه هي رغبة الشعب - الشعب اللامبالي والذي لا يبدي أي اهتمام.‏

رئيس الوزراء الذي سيتم اختياره في الانتخابات العامة سيكون مسؤولاً أكثر من ذاك الذي يتم تعيينه من خلال الصفقات والاتفاقيات, هذا الشخص سيكون محمولاً على أكتاف نجاحه الشعبي, ومن هنا تنبعث الآمال بأن يدفعه ذلك إلى التصرف بشجاعة أكبر ممن شق طريقه نحو ديوان الرئاسة في الكواليس وحفلات الأعراس.‏

نعم, ليس من السهل الاختيار بين أمرين سيئين: حكومة اللاشيء أو الانتخابات التي لن تسفر عن تغيير كبير على الأرجح, ورغم ذلك ينبغي التوجه للانتخابات الآن, لأنه من الواضح من خلال الاتصالات التي تجري لتشكيل الحكومة الجديدة, وخاصة سلوك باراك أمام فشل مؤكد.‏

وبالتالي فخيار الانتخابات هو الأفضل إذا كان الاختيار هو بين خياري النهاية السيئة المعروفة سلفاً وبارقة الأمل.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية