تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لا لأفكار يشاعي!

هآرتس -بقلم: عكيفا ألدار- عن النسخة الانكليزية
ترجمة
الأثنين 27/10/2008
ترجمة ليندا سكوتي

تجابه تسيبي ليفني صعوبات جمة في أمر تشكيلها الحكومة الاسرائيلية العتيدة, وتتجرع الكثير من المرارة جراء ماتتعرض له من مساومات ومايطلب منها تنفيذه من تنازلات وتسويات تجد نفسها مضطرة للقبول بها, لأن البديل منها

هو إجراء انتخابات مبكرة تفضي إلى عودة بنيامين نتنياهو وأفغيدور ليبرمان وآفي ايتمان, لذلك فلا مناص لها من تعديل ماسبق وأعلنته من برامج باعتباره شراً لابد منه.‏

تخشى المرشحة لرئاسة الحكومة من حدوث انشقاق في حزبها غير المستقر حتى الآن, لذلك لاتثريب عليها إن أقدمت على خطوة جريئة بتسميتها شاؤول موفاز وزيراً للخارجية, لكن يتعين عليها عدم القبول بطلب شاس برفض التفاوض مع الفلسطينيين بشأن القدس مهما كان الثمن باهظاً.‏

إن شرط ايلي يشاعي رئيس حزب شاس للمشاركة بالحكومة (وفقاً لما صرح به لوسائل الإعلام) يقوم على تلقيه وعداً موقعاً من ليفني بأنها لن توافق على التفاوض في موضوع القدس مع الفلسطينيين, وهنا يتعين عليها أن تعلم يشاعي بشكل سافر (ويفضل أن يكون مكتوباً) فإن عليه أن يضرب صفحاً عن هذا الطلب, كما يتعين عليها إبلاغه بأنه إن كانت لديه رغبة بتلقي وعداً بألا تكون القدس جزءاً من المفاوضات الجارية للوصول إلى اتفاق نهائي, فعليه البحث عن مثل هذا الوعد لدى الليكود وليقل لهم مايشاء, ويصرخ بصوت عال )ليفني ستقسم القدس(.‏

يضع وزير الصناعة والتجارة والعمل شرطاً لمشاركته بالحكومة بأن يسمى )نائباً لرئيسها(, ويطلب من المرشحة لرئاسة الحكومة أن تقطع وعداً بنكث الالتزامات التي سبق وأن أقرتها الحكومة الاسرائيلية للفلسطينيين.‏

لكن من دواعي الاستغراب أن ليفني ويشاعي نفسه مازالا عضوين في الحكومة التي سبق وأن أقرت قبل أقل من سنة الإعلان المشترك الصادر عن مؤتمر آنا بوليس الذي عقده جورج بوش حيث أعرب به عن تأييده قيام دولتين اسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنباً إلى جنب بسلام وأمن, وأكد على البدء بمفاوضات ثنائية ترمي للتوصل إلى اتفاق سلام, وحل القضايا العالقة بما فيها القضايا الجوهرية دون استثناء, وقد أعلن أيضاً بأنه لن يدخر جهداً للتوصل إلى اتفاق قبل نهاية عام 2008.‏

إن مايطلبه يشاعي من ليفني يمثل أسلوباً لخداع الجمهور ذلك لأن المرشحة لرئاسة الحكومة ويشاعي قد سبق لهما وأن اقرا سياسة حكومة أولمرت والتي تعبر عن الرغبة في ترسيم حدود الدولة بحيث تكون أغلبية سكانها من اليهود وأن تكون دولة ديمقراطية, كما وأن الحكومة قد وعدت بإجراء المفاوضات مع الفلسطينيين, وعقد اتفاقيات موقعة معهم وفقاً لأسس خارطة الطريق, تلك الخارطة التي دعت إلى إجراء مفاوضات بغية التوصل إلى اتفاق يفضي إلى إنهاء الاحتلال الذي جرى عام 1967, وإيجاد حل دائم وواقعي يرضي الجميع بالنسبة للأمور الشائكة مثل قضية اللاجئين وموضوع القدس.‏

لا ريب بأن يشاعي قد لجأ إلى المراوغة بتقديمه تلك الطلبات, وذلك لأنه عضو في الوزارة الحالية, وهو على اطلاع بكافة القضايا الجوهرية المطروحة على طاولة المفاوضات, وهو أيضاً على علم ودراية بأنه لن يتم اتفاق سلام مع الفلسطينيين دون إجراء ترتيبات بشأن حدود القدس, ومصير الأحياء اليهودية, والترتيبات اللازمة لإدارة الأماكن المقدسة, وهو يعلم تمام العلم أن جامعة الدولة العربية تنتظر الإجابة على المبادرة التي أعلنتها في آذار عام 2002 لإنهاء حالة الحرب القائمة واستبدالها لعلاقات طبيعية, الأمر الذي لن يتسنى تحقيقه دون إنشاء دولة فلسطينية تكون القدس الشرقية عاصمة لها.‏

إن المبادرة العربية ترمي في واقعها إلى تشكيل تحالف قوي يكبح جماح الراديكالية, وستعقد في شهر آذار المقبل مؤتمراً للقمة العربية سيدرس مآل تلك المبادرة, ومانجم عن المفاوضات الجارية مع (اسرائيل) في كل من المسار الفلسطيني والسوري.‏

لقد علمتنا تجربة قمة كامب ديفيد المريرة المنعقدة في عام 2000 بأن التأخر في منافشة موضوع القدس أمر يفتقر للمنطق الدبلوماسي, إذ ينبغي على اسرائيل أن تطالب مقابل التنازل عن السيادة في المنطقة التي تضم ربع مليون فلسطيني في القدس الشرقية بالاعتراف بسيادتها على معظم الأحياء اليهودية التي تم بناؤها في تلك المدينة وضواحيها منذ عام 1967, وأن يصار إلى إجراء ترتيبات في المدينة القديمة بشكل يرضي الأديان الثلاثة ويفضي إلى الاعتراف الدولي للمرة الأولى بالقدس عاصمة لإسرائيل.‏

يمكن لليفني اتباع اسلوب أولمرت بحيث تعطي وعداً ليشاعي باستبعاد مناقشة موضوع القدس على طاولة المفاوضات بينما تعمد إلى إجراء تلك المفاوضات من تحت الطاولة, لكن عليها أن تعلم جيداً أنها لم تنتخب لتسير بذات الأسلوب الذي نهجه أولمرت قبلها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية