|
آراء بل لنقل بحجم احلامنا ذاتها. الأسبوع المنصرم شهد تظاهرة ناعمة معطرة عربية بمبادرة من المستشارية الادبية للرئاسة السورية- بقيادة الأديبة العزيزة كوليت خوري. استطاعت المبادرة (الخلاقة بحق) أن تجمع في مكان واحد, في دمشقنا الحبيبة- وفي سورية كلها- الأصوات والأنفاس والقلوب والعطور العربية النسائية- الأديبة والثقافية والانسانية دفعة واحدة- وصلت إلى حدود انهمار الدموع- بامتزاج الفرح والحزن, وبتزاوج الامكانية والاستحالة مع الغلبة الاكيدة والمنظورة للاستحالة- وبتوقيع ممن لم يستطعن الحضور- إما بسبب الموانع الاحتلالية وإما بسبب أوامر الأطباء- كذا كانت قضية الاديبة العراقية لميعة عباس العمارة, المنسحبة غصباً من دنيا الحراك الحر في قارة (الحرية)-الولايات المتحدة الامريكية إلى القعود المر والموجع المحزن. جمعت دمشق- مرة واحدة- اصوات ومواقف وقلوب ومشاعر نساء عربيات- كتبن عن حلم الوحدة- وبكين على مالم يتحقق في الواقع وهن على قيد الحياة- فمن يقول ألا يتحقق الحلم إن نحن ورثناه للآتين من الأبناء والأحفاد? من (لبنان), ومن (فلسطين) من (العراق) ومن (البحرين) -من (السعودية) ومن (تونس) من (الجزائر) ومن (الاردن) من (مصر), ومن (المغرب) ومن (سورية) ومن (ليبيا)- من (السودان) ومن (الكويت).. وبالطبع من سورية ومن فيها- من القلوب- ذكورها وإناثها- فالقلوب ليس فيها (عرق محدد ولاجنس بعينه) إنها من لحم ومن دم ومن عصب.. ومن عضل.. مايحددها هو الخفقان, مايمنحها اللون الظاهر والباطن هو عجين المشاعر والانتماء, هو هذا الضرب المتكامل المتناهي التام الدائم للخافق - الا لحظة الحقيقة في الانتقال من عالم إلى آخر هو ماكتب على الأحياء..كل الأحياء. في (الشام)- المكان- والفندق- والحضن والياسمين- تعطر كل شيء بمباهج الصيرورة الواحدة- عبر الفرحة بأن الممكن- الصعب- ممكن لأنه ببساطة ليس مستحيلاً. وأن النقاشات والخلافات- في السياسة وفي الايديولوجيا- وفي المواقف من الاحداث الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية- لم تقف حجر عثرة أمام دفق الرفض القاطع للحدود, والمشاعر الهدارة الجموح مثل مهور البراري نحو المعانقة الابدية المطلوبة مابين المحيط والخليج ومابين عدن واللاذقية ومابين الموصل وحضروت ومابين البحرين ونواكشوط. تعانقت الارواح قبل الكلمات- وتألقت العيون قبل المواجع, وإلتأمت الجراح قبل ان تنفتح- إلا النازف الراعف مابين حيفا والبصرة ومن بغداد إلى القدس ومن الموصل إلى غزة.وتصوروا-اسفاً- ان تضطر الانشودة الفلسطينية (مي صايغ الشاعرة وسحر خليفة الروائية) إلى الانقطاع- ثمة الموت في عمان يغيب شخصية نسائية فلسطينية- ارملة مناضل شهيد اغتالته اليد الصهيونية في روما قبل أكثر من عقدين من الزمن. إلى هنا يتلاحق عطب الحضور الأبهى وفعل الاحتلال الغاشم.. مع ذلك فكل سيدة في هذا التجمع فلسطينية وكل اديبة فيه عراقية-ليست هدية حسين وحدها العراقية- كما أن كل شاعرة تذكرنا بفدوى طوقان وكل قاصة تذكرنا بنوابغ الابداع الروائي العربي من بدايات القرن الماضي وإلى اللحظة التي نحن فيها, وقد كان محفوظ أحد النجوم الطالعات وثمة من يجيء من بعده- فالعقم ليس شيمة عربية- ولا كان يوماً خصلة يمكن أن تتزيا بالرداء اليعربي- في الصحارى كما في غياهب اليم. هذه الباقة العربية من العطور تؤكد مشاعر الانتماء الصميمي لأمة الضاد- حتى ما حفل من الإلقاء بتلك الهفوات اللغوية أو التعبيرية- كلها كانت تبحث في سماء الشام عن مكانها لكي تمنح لقاء الحضور- من العشاق- الضياء مع نسيمات معطرات يضفن إلى النسيم الشامي الأبدي- المعطر بالياسمين- نفحات من أنفاس عربية.أما الياسمين فهو المحلق في دنيانا مخضباً كل مايصادفه بالضوع المميز من أصغر ذرة رمل في الصحراء إلى أكبر حصاة على شاطئ اللاذقية, ومن ابجدية الحضور الانساني في دير الزور- إلى جبلة صلصال على تخوم الجولان- وإلى القمة البيضاء - جبل الشيخ- الشاهد على بحرنا المحتل فيما وراء, ولصق عكا وحيفا ويافا وغزة وتل (الربيع). هل يمكن لعربي الا ان يعرب عن الامتنان ازاء ضيافة مضياف من لحمه ومن دمه ايضاً? ها نحن نعرب عنه لكوليت خوري ومن معها- وقبل ذلك ومعه الى لحظة تكوين وحضور القناعة المتأصلة الجذور بين الحكم والثقافة والأدب لتأصيل ما هو صعب اليوم كي يكون ممكناً بل مؤكداً في nawafabulhaija@yahoo.com ">الغد. nawafabulhaija@yahoo.com |
|