تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سلفادور دالي روائياً

عن نوفيل او بسرفاتور
ثقافة
الأثنين 27/10/2008
ترجمة : مها محفوض محمد

في كتابه الذي ينشر للمرة الأولى والذي يحمل عنوان (مركبة فضاء الفقراء) ويظهر دالي بأنه لا يزال مهووسا. يتذكر ميشيل ديون لقاءه الأول مع سلفادور دالي

كان ذلك خلال شتاء عام 1951 في نيويورك وذلك أمام الصحفيين في بهو فندق سان ريجيس. يقول ديون : (كان لدي انطباع مؤلم عن دالي الذي بدالي وكأنه يقوم بأداء دور مسرحي عن شخصية دالي لكن كان ينتابني شعور أيضا بأنه حين يدفعه الصحفيون إلى شططه وتجاوزاته كان يغدو ضعيفا ( وعندما أصبحنا أصدقاء فيما بعد تيقنت من شعوري بأنه سريع العطب.. ويستحضر ميشيل ديون فترة تلك الصداقة في كتابه )حقائب من أجل فانكوفر ( وقد كرس الكاتب نفسه ليكون معبرا إلى العبقرية المعذبة في )مرفأ ليغات ( وهو الذي قام حقيقة بتحويل نصين لدالي إلى عرض مسرحي(المخدعون بالفن القديم الحديث ( و(مذكرات عبقري ). ولماذا هذا التحويل أو التكيف معه ? لأن دالي يكتب بالفرنسية كما يتكلمها وكان يخط أفكاره على دفاتر مدرسية أو على أوراق مبعثرة, فهذا الاقتباس هو إعادة ترتيب في الفكر المتدفق ويعني أيضا الاطمئنان إلى كتابه بشكل املائي صحيح لأن المؤلف الذي هو من أصل كتلاني لم يكن يعر اهتماما للإملاء.‏

في أحد الأيام سلم دالي إلى ميشيل ديون نصا جديدا عنوانه )مركبة فضاء الفقراء( وكان لعنوان هذا النص دلالة خاصة إذ إنه في نهاية الخمسينات عندما استطاع السوفييت إطلاق مركبة سبوتينغ ووضعها في مدار حول الأرض, دالي لم يفته الحدث إذ كان يتابع أخبار الساعة جيدا, وبما أن هذا النص أثار إعجاب جان كلود فاسكيل عرض هذا الأخير على ميشيل ديون أن يقوم بنفسه بعملية الاقتباس هذه إلا أن الناشر أضاع المخطوطة المنسوخة التي سلمها له ديون. وأعاد فاسكيل طلبه مرة أخرى من أجل أن ينجز عمله لكن ديون رفض وبقيت لديه ليمضي عليها أكثر من خمسين عاما. وكان مصير الصفحات الثلاثين التي تتألف منها رواية )مركبة الفضاء ( هذه أن انتهى بها المطاف على طاولة أحد الناشرين وهي أليس ديون ابنة ميشيل نفسه وهي المديرة المسؤولة عن دور نشر )الطاولة المستديرة (, وتم نشر المخطوطة طبق الأصل حسب النص الأصلي وكانت مكتوبة على دفتر مدرسي حمل عنوان : تريفولي )الجنون المثلث ( وترافقت بنصها المقتبس المنجز بواسطة جان جاندارم وقد استخدمت ملاحظات هوامش دالي والتي ساهمت بشكل كبير في كتابة )مذكرات عبقري ( كما كان هناك وثائق مؤلفة من ملاحظات قارىء وعقود وصور أكملت هذا العمل.‏

ماذا يحمل هذا العمل?‏

القصة ببضع كلمات تتحدث عن امرأة خادمة مصابة بمرض الوسواس القهري للنظافة, وقد تحملت مسؤولية رجل مقعد عمره أربعون عاما , وبعد أن استخدمته للتسول قررت أن ترمي به بين جدران منزلها لتقوم بعدها بحراسته وإطعامه العنب المجفف ثم تتخلى عن وسواس النظافة وبأعصاب باردة تستلسم للقذارة يقول دالي: هذه المرة حتى القارىء الغبي سيفهم قصدي ألا وهو : اغسل ما لايمكن غسله واصقل ما لا يمكن صقله.‏

إنه هزل محزن وهزل مبهج في آن واحد, فهذه الرواية (مركبة فضاء الفقراء ( تنتمي إلى القريحة الانفعالية الهذيانية لدى دالي الذي لم يضع حدا نهائيا لسنواته مع رفاقه السرياليين.‏

ويمكن وضع هذه الرواية ضمن ما سمي ملاحظات تحضيرية لما بعد (حياة سرية لسلفادور دالي), كما يصح أن نصف هذا الكتاب بالقول : إن هناك الكثير من التثبت بأمر لا يستحق ذلك. وهذا يشبه ما قاله أراغون عن دالي : بأن لديه الكثير من الوصولية لقليل من الوصول. وهذا شيء بشع, ذلك هو دالي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية