|
بالقطع السوري فالناس تتهافت لسحب ودائعها , فيما راحت بعض الحكومات لم تعد تعرف كيف يمكن أن يكون التصرّف السليم حتى تُحافظ على ماء وجه تلك البنوك على الأقل , فراحت تضخُّ لها المليارات من الدولارات هنا , وتؤممها هناك , في الوقت الذي تركتها تواجه مصيرها الأسود في مكان آخر لتنهار فعلياً مُعلنةً عجزها عن احتفاظها بأية قدرة على الاستمرار - فهذا هو الدليل الذي لا يحتاج إلى كثير من التوضيحات , ولا حتى إلى قليل من الشرح , بأنَّ المصرف التجاري السوري هو في حقيقته على عكس مايحصل , حيث أثبت ثقة المتعاملين فيه , وركونهم إليه , واستقرارهم نفسياً تجاهه , في الوقت الذي فَقَدَ فيه المتعاملون هناك في أمريكا وأوروبا وأماكن عديدة من العالم , ثقتهم ببنوكهم , وازدادوا اضطراباً وقلقاً على مصير ودائعهم التي صار الكثير منها في مهب الرياح . ونتساءل في هذه المعمعة العنيفة , التي تُعطي مؤشرات متناقضة بين ما يجري هنا وما نراه هناك : هل ما حلَّ بنا من أمانٍ مصرفي واستقرار في النفوس وزيادة في الودائع - خلال زمن الاضطرابات هذا - كان ناجماً عن حُسن تدبيرنا للأمور ..? واستشفافنا لِما يُمكن أن يحصل .. فكنا قادرين على مُلاقاته ومُعالجته قبل أنْ يحصل .. فبقينا هكذا أقوياء في دائرة الأمان , لابل في الدائرة الأكثر قوة ..? إنْ كان الأمر كذلك , فنحنُ وبكل ثقة نقول: إننا نجلسُ على كنزٍ عظيم هو أهم بكثير من تلك الودائع كلها , وصار يحقُّ لنا أنْ نُعلنها للملأ , بأننا أصحابُ خطٍّ في الحياة المصرفية , وحنكةٍ في السياسة النقدية , تُتيحُ لنا تأسيس أكاديميات عالمية لتخريج الكوادر , التي يمكن أنْ ننشرها بعد ذلك على مستوى العالم ليستفيدَ من الخط والحنكةِ معاً , فخير العالم من خيرنا , وكلنا أبناءٌ لهذه الحياة . ولكن إنْ أسَّسنا الأكاديميات , ولم نعثر على من يستطيع الشرح للطلبة مالذي حصل ..? ولا كيف قد حصلَ ما حصل ..? فهذا يعني أننا أمام مشهدٍ يحملُ طابع الصدفة , غير أنها صدفة جميلة , ومصارفنا ألله حاميها ..! . |
|