تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الاستحقاق الرئاسي بلغة الاختبار

الافتتــاحية
السبت 10-5-2014
بقلم رئيس التحرير: علي قاسم

من المُنتظر أن تُعلن المحكمة الدستورية العليا اليوم القائمة النهائية والمعتمدة لأسماء المرشحين المقبولين دستورياً وقانونياً لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من الشهر القادم.

مع هذا الإعلان تبدأ المرحلة الجديدة في التعاطي مع الاستحقاق من بوابة الحملات الانتخابية للمرشحين وتقديم البرامج الانتخابية التي ينتظرها السوريون باعتبارها اختباراً إضافياً ليس للإرادة التي تجسّدت في خوض الاستحقاق بموعده الدستوري انطلاقاً من القرار السيادي فقط، بل أيضاً في العمل السياسي من منظور المرحلة وتطوراتها وما فرضته من متغيّرات في ثقافة الاستحقاقات الوطنية التي تفرض شروطها بوضوح على المناخ القائم.‏

في المبدأ.. ثمّة توافق واضح وصريح على أن المشاركة ليست حقاً فحسب، بل تتعداه في الظرف الاستثنائي لتكون واجباً وطنياً بامتياز، ويتقدم على سائر الواجبات في هذا السياق، وهذه الحقيقة بدأت تفرض إيقاعها على قناعات الطيف الواسع من السوريين، بل أصبحت نقطة تقاطع أكثر وضوحاً في خيارات السوريين المؤمنين بدورهم في صناعة الغد الذي يعملون من أجله.‏

وفي الجوهر .. ثمّة أسئلة محورية تفرض بدورها إيقاعاً منضبطاً لا يخرج في استنتاجاته النهائية عن السياق، الذي تُمليه النظرة إلى الاستحقاق الرئاسي وموجبات المشاركة الشعبية الواسعة فيه، من منظور ثقافة الانتخاب التي بدأت مفرداتها ومصطلحاتها تحل بالتدريج في مختلف أدوات العمل السياسي والإعلامي والثقافي، وحتى الشعبي.‏

على أن التفاضل في لغة الخطاب الدارج تميل إلى حالة من الاستقصاء السياسي والإعلامي، وتحاول من خلالها أن تُملي حضورها في الكثير من المواقع والأدوار والاتجاهات من منطلق الحرص على نجاح التجربة، لتكون ممراً فعلياً لكثير من التجارب المماثلة القادمة، وقد تصلُح حينها للمحاججة والتدليل على التحوّل النوعي في ميزان المزاج العام الشعبي باتجاه تكريس حالة الوطنية على قاعدة التماهي مع متطلبات وشروط إنجاز الاستحقاقات الانتخابية، في جوّ التعددية السياسية والانتخابية وتعدد الممرات الدستورية التي تصب فيها.‏

ما بات محسوماً أن المحاكاة السورية تجاوزت الكثير من الثرثرة واللغو والحشو السياسي في خطاب الغرب ووكلائه في المنطقة، وهي تسير أيضاً باتجاه تجاوز ما تبقّى من تراكمات حاولت دون كَلَل أن تحجز لها مكاناً في ذلك الخطاب، وباتت الساحة مشغولة تقريباً بكلِّيتها في حسابات ما بعد الاستحقاق، رغم المحاولات المستميتة لخلق ظروف ومعطيات تزيد من مصاعب الخطوة السورية.‏

واليقين السوري ربما حَسَمَ ما هو أبعد من ذلك، حين بدأت تتسابق المؤشرات في فرض نفسها من خلال الرغبة الواضحة في المشاركة الواسعة بمعياري أداء الواجب الوطني كما يستحق، وممارسة ذلك الحق دون الالتفات إلى مزيد من اللغو المحكوم بتجربة امتدت لثلاث سنوات ونيّف أثبتت توحد وتطابق رغبة الغرب والإرهاب معاً في الخراب والدمار وانتشار الإرهاب والتكفير.‏

تتعدد جبهات الاختبار ولا يغيب عن ذهن السوريين أن التصعيد السياسي والإعلامي هو حالة قائمة ومستمرة، والتلويح بما هو أبعد من ذلك يدخل في جزء كبير منه في إطار الحرب النفسية التي أفلست مسبقاً، والإضافات القادمة في الوقت بدل الضائع لا تتجاوز محاولة تكييس وجه الهزيمة المرتسمة في تفاصيل المشروع الإرهابي، وهذا قد يشكل بحدّ ذاته دليلاً إضافياً وقرينة دامغة على أن الاستحقاق الرئاسي في جزء منه هو أيضاً اختبار للإرادة السورية في تحدّي الإرهاب وداعميه ومموّليه ورعاته في السياسة وفي السلاح.‏

ما يلمسه السوريون في الميدان كما هو في السياسة أن الحسابات تجري في اتجاه مناقض تماماً لمعادلات ومعطيات الخطاب الغربي، بدليل أن الخطوات الأخيرة ابتداء من حمص وليس انتهاء بما يجري في مناطق حلب وغيرها، تعكس تقدُّماً سياسياً وميدانياً لا يمكن تجاهله ولا تجاوزه دون وضعه في كفّة المعادلة السورية ولمصلحة السوريين بكلِّيتهم، وهذا سيكون في نهاية المطاف لمصلحة إنجاز الاستحقاق الرئاسي على أكبر قدر ممكن من رقعة الجغرافيا السورية.‏

وما يدركه السوريون أكثر من أي وقت مضى أن المرحلة بما تشهده قد تكون معياراً إضافياً للاختبار، بل هي كذلك، بدليل أن الزخم الشعبي والجماهيري المتنامي واستنفار الإرادة الوطنية يشهدان مدّاً تصاعدياً تفتتحه اليوم عملية انطلاق الحملات الانتخابية ويُنتظر أن يدشّن في الثالث من حزيران في صناديق الاقتراع بأصوات الملايين من السوريين لانتخاب رئيسهم الحامل لمشروع الخلاص من الإرهاب وإعادة البناء والتمسك بسيادة سورية وقرارها المستقل.‏

a.ka667@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية